عبدالناصر مجلي شاعر
يمني وروائي وقاص على درجة عالية من الوعي بالإبداع وتقنياته الأحدث يعيش مجلي في
الولايات المتحدة منذ العام 1992 ولم تنقطع صلته بزملائه المبدعين في الوطن عبر
أنشطته الثقافية وموقعه الإلكتروني المتعدد اللغات وإصداره لصحيفة (الأمة) باللغات
العربية والإنجليزية والأسبانية.
مروا خفافاً
(قصائد
مختارة)
عبد الناصــر مجلي
مروا
خفافاً وحزانى مشتعلين أمام أغاني الريحان
مقاطع
من نص طويل
الذين
الذين مروا سريعاً في
ذاكرة البُداة
متنكبين ضحكات
أعدّوها
لإعمار مشاريع
مسرَّات ستأتي
بعد رحيلهم مغبونين
ما ظنوا إثماً عندما
ظنوا
ولم يقصدوا شاسع
الدرب إلى ذلك
وهم
قامات الأسى
وأبكار مغلسة
وترتيبات مترعة تعطلت
عن الحوار
و"فناجين"
قهوة حُوجت بالأعشار
وتُرِكَت حتى أنصافها
وخطوات مغنية ذرعت
أشبار المدن
وعشاق تربت أيديهم
وأصابتهم مكائد
الغرام
قبائل
ثارات
أمسيات
وأسوار يانعة
بالريحان ومتين الصلصال
وشجون حادة معلقة على
نوافذ
الخذلان والحواجب
الشاخصة في قرب الأباعيد
ومناديل ورق معطرة
كرمشتها أصابع الضبح
وجلسات قات
أو خمر
أو
أذكار
لم يرتكبوا عن قصدٍ
وتروٍ
فاحشة إنطفائهم
السريع بلا برهان
ولذلك فهاهم الآن
وراء برازخهم شاخصين
في عُجب وثني
يتساءلون:
"هل تلك الظلال
المدبوغة بالهزائم
لا تزال روائح
أفعالها تتماوج
تحت شموس الحياد
الغاربة هي نحن
العظام النخرة
المجزوءة الأوصال
وباقياً أحلام حامضة
رشحت قهراً من
الأجساد؟!.
للخيبات التي يُفترض القبول بها دون
سؤال
كان علينا
أن نقبل صاغرين
أيديهم فوق أيدينا من
قُدرةٍ صاعدة
كل الخيبات التي
يصنعونها لنا في مكاتبهم العالية
وراء ضُلَفْ أدراج
صقيلة بالأبواب والمماحكات
ولا بأس عليهم سادة
الارتفاعات والشواهق المشفّرة
إن فَرَّ أحدنا إلى
حيث سيُقتل رُغماً دفعة واحدة
أو تحُزّ آلة مبصرة
الطاقة فتىً لم نعرفه
وتشطره -يا لصدُف
الكمائن!- نصفين
قبل استدراكه لطقوس
ولائمه القادمة
حبوراً بثغاء رضيع
كُتب ألاَّ يراه
لن نمانع عن عنادٍ
غير مقبول من صفوة الأضداد
أنْ...!
أن نرتدي ثيابنا الماحلة
مقلوبة الياقات
إثر فاقة دجنتها
أفعالنا في ساحات أسرّة مبعثرة
لقد قبلنا أيدينا فوق
أعرافنا والمحارم
عن طيب خاطر ألعابهم
خطرة النوايا
كان علينا قول هذا من
كلف مادحين
حتى لا تستقبلنا
بواهت الطرقات وضراوة الآثام
خاليي -يا لعمانا-
الجيوب منكسي النظرات
وأمطرناهم بكرائم
الدعوات والمدائح
ونفحناهم عروق التبسم
وطل الضحك وهُراء الزعفران
وأنشدنا على الأسماع
ضريب التصنع الضروس
وقصفناهم بألحان
طاعات مقننة الأكمام
حاولنا رهبة
وارتجافاً ومسكنات أن تبدو صادقة
وتمنينا من كل قلوبنا
المحمّاة لهم أعماراً وساعات وأغاني
حينما كنا قد ادعينا
جهرة حذاقات متزلفة ليس نعرفها
وعدنا كما ينبغي
سلفاً إلى البدايات التي منها أتينا
وفجرناها عن ترصد
ثخين المقاصد بالبكاء
محض رؤوس مطوحة بضجيج
نظيف
تقطر أفكاراً ممنوعة
سوداء في قلوب بيض لن تتحقق
ومرارات
وموت
ونسيان
وخطوات واقفة في مكانها
حيث لا تصل إلى جُبِّ الظنون.
لأولئك الـمُستنفَرين على كراسي
المرارات
أولئك الأدعياء
بمعرفة الأحزان
ونظريات اليباس
الصالحة لكل زمان
مشرد غادرته الأماكن
يرتدون من بذخ مكلف
أثوابهم
المغسولة بحرفة متقنة
ويعرفون عن دربة
مستفيضة كيف ينثرون
قطرات الطيوب الفاخرة
على الأعطاف
حينما يمرون أمامنا
كمثل آلهات أخصتها تواريخ
انفلتت من عقال
عُباّدٍ مزنرين برجاء جاف
متصنعين رزانات
فُصِّلت على عجل مصاب بانفصام في الذاكرة
ساعات الذهب
والخواتم المطعونة
بسطوة الألماس
وربطات الأعناق
المزركشة بألوان مخضوضة بمساحيق الغسيل
أصابت حيث كانت
أقدامنا تحمل على مضض ربقة الأجساد
بشماتة فائحة الريبة
ملزوزة العبرات
في أحذيتهم المحملة
بسواد اللمعان
رأينا وجوهنا صافية
من عرق ثخين كان يغشانا واجمين
كانوا يلحون -رجال
الصابون ونسمة الكافور-
على تطعيم إنشائهم
بعطور اللغات
وبمفردات الرضى
والقناعة
وضرورة الطاعة التي
أشربونا إياها قاصدين
وإلاَّ...!!
ينطقونها محجلين
بابتسامات تحمل شهادات تخرّجٍ قديم
وتطنُّ في وجوهم
المحلوقة بحليب الشيفرات
وفرضية المسؤولية
التي كلفتهم غالياً
فنهزُّ مبهورين
رؤوسنا الكارهة للماء دون غرور
مطأطئين باستسلام لم
يكُ مبيناً وما نحن.
اصطخاب مُوقّر في ميدان قيامة في طور
الإنشاء
ذهبوا إلى أيامهم
التي لم تُعدّ لهم نائحين
يتصارخون على تضاريس
خلفوها وراءهم
وطلح مسنون ودساكر
ممحوة العناوين والأسماء
وعن نساء
وطين
ودوم
وأثل
وبعر
وبهائم
ولحظات ودٍّ مشروخة
الأعين مكسّرة النظرات
ألاَّ يدخل بينكم اليوم غريب عن إشارات الأقنان
أو قُطّاع مشاعر قساة
الزند مدججو اللغات والأظافر
وكونوا طيوراً أبابيل
بفتوة الخفق ورشاقة الليل الغضوب في أوله
تمطر سماوات الهتك
بسجيل ممدود برنة الأنات وأثر الإيغال
ذهبوا
إلى فسحات مضغوطة
الأوساط والدوائر
ليفتلوا من قطن سنوات
البرودة أشعاراً
وقمصاناً للظاها
الموحوشة تصطك مساءات مسالمة وأقمار
والسماء فوقهم هي
السماء والسماء والسماء إلى آخر البرد وانقصاف الدخان
لمن اليوم نمل
المنافي النافقة وهمس ريح الأصقاع الخائنة؟
لمن كل هذي
الاندحارات المهزومة والمهزومة مشرعة كالأعلام؟
و
ل
م
ن
جفان الدمع مترعة
بوجع الأكمام المحروقة بشظو ممدودة
إلى فجوات مهدمة
الجوانب بهسيس الجُدر ورماد القيعان؟
للوعة مصبوبة قاهرة
من رعاف الكؤوس مشقوقة الأطراف والأوصال؟
أم لظلمات جهنمية
تسعى بلا هدف في مَزنٍ مُقّرح الأجفان راجف التأويل
ومن سغب لغوب مهلهل
يعوي في سويداء تهذي تحت بارق نجم لا ينام؟
أم
لعل
أو
ربما مدلوقة على رصيف
قفر أخرسته أدعية الخذلان
وشواخب التعب المديد
دون سابق إخبار
لنجوم البعد من
أثدائها معُلقةً على قدر فوق شجر الأحلام.
بتوكيد لا غبار عليه البداية ذاهبة
إلى خاتمتها العمياء من كلف مقصود
في البدء أتوا بهم من
غيهب الأصلاب مراغمين الإرث والناسوت، متسارعين في جذل محزوز من عند الرقبة،
يصفقون للأحداث الخاسرة يسبقهم صفير مردود عليه بنتائج العبرات، يصفقون إذ تمدح
فراغ الاكتمال المرصوع بشهقات، تكلست في لحظة اصطدامها الأعمى بهواء صدئ، فكان
لهم، عن فخرٍ لم يسعوا إليه، هجير البقاع المشدود بوتر المشاهدة وما فطنوا في
سكراتهم حذاقة الأمكنة المولولة بلغات فصيحة الحروف، لغات نمت بهدوءٍ مؤكد يثير
سباع الفلاة وطيور العمارات المسكونة بهواجس طينية جففت حقباً طوالا، وتشكلت
وجوهها مهجورة من لمسات الأنامل، وصباحات النداوة الماثلة على حبور مجفف دون سابق
شهود، لأنه على كتف محمل بالأدعية كان يرقب مودة خائفة، ثمَّ أنهم على فُجأة لا
تعرف المزاح، عجنوا بقدرات معطلة عن العمل، وما دون مرية محسوبة فهموا، وقذفوا من
هلع مرتجف دواخل أرحام هيجتها مداعبات كثار، أخرجوهم من بين سلح وبول ودم وأحماض
متوترة وعلموهم معارف الصبّار، وقواعد المشي سريعاً إلى مرابض التلفت والهذيان،
أشاروا عليهم بمداهمة هندسة الكلام وأُحجيات الحب فما نبغوا، ثُمَّ نائمين في
غيبوبة الأسفار المترعة بالمنج وعمى الكهرمان، أطلقوهم عُراةً من كل سفر ذي سندٍ
شامتين في نأي ليس يطال، وقالوا لهم أمام توكيد مكابر محموم: اقعدوا حيث ثُقفتم
ولا تبرحوا! ولأنهم قوارير مخضوضة بالكبريت وهديل الفضة وغيظ الزاج ولأنهم أسراب
حكايا مدجنة الأجنحة مسته تخرصات الهدير والأوجاع ولأنهم محض مفارقات ونكد ولبان
ممضوغ مكثوا كمثل سيول مسلوبة الاتجاهات ولفتة الحوار، يخيطون أحزانهم مرفوعة بين
قوسين من نار وشظايا، ما تمزق غصباً دون خبث مسبوق بالنوايا، أثواب سنين كانت
مُعشّقةً بالنخل والصهيل وارتدوها لا فخر لهم قائماً في التكايا، وحتى الآن لم
يأتهم نثيث الأجوبة فقعدوا من وسن مشغول بالريبة، حيث قعدوا لا تثريب عليهم إن همو
قاموا ولا يحزنون.
ثمّ
دون
أسباب
معلومة
لسواهم
ماروا واضطربوا إذ
رأوا هامش الوجد مسروقاً يمشي إلى الأجداث، وتعلموا عَجلين ما غاب عنهم في غيهب
الوقائع سر التذكر وأخطار الحنين، وعندما ماجت في الأكباد تلال الصور وانفجرت ذوا
كرهم بالموال، انتفضوا وماجوا مُقّرحين الأذكار كمثل بهائم من جوع انسعرت،
واصطفقوا على ينابيع الغبار وشربوا منها عندما شربوا شرب الهيم وما ارتووا
ولا لانت نيران
مؤسطرة الشفرات في أحلامهم المرجأة، وما سكتوا أو نامت فراشات التمني في فضاءات
العين الصارمة الرؤيا، وما تعبوا فتقلدوا عن سابق صخر معقلينٍ قلائد الهجر
المسربل، وارتدوا جبة النسيان وماتوا حيث أدركتهم جياد الغارات الهاربة من
أسمائها، ومن لظى ساهرة لا تنام، أشعلت ريشها على الأعناق اليابسة وما خمدت، واستحالوا
دون رفة رمش مصادفة إلى تماثيل فقدت طريقها، على الأشهاد، ووساوس تمنٍّ زاعق
الصرخات، في قبة ليل مُليل بائد لا ينام.
وهم خزامى المواويل
المورقة بوباء العبرات
ونحل بساتين مخطوفة
الأوراق، وكيمياء الحلاوة والصدود، ورؤىً مجيدة الأحساب والنغمات
وإيماءات موقوفة عن
الغناء، وضعت في زنزانات الشوق وسلاسل الأهات.
للنساء حيثما كن مستذئبات في مربعات
الانتظار
ماذا
عن نساء خانتهن بشاشة
الجغرافيا وعسف الحدود المباغتة وأدبرت في وجوهن
مرايا الكمد وتسابيح
المسرات، نساء الويل الممدود والثبور الفاغم الإدعاء
وعظائم النحيب
والبكاء كلما توارت متباعدة من تعب في الأحداث
قامات من أحببنهم في
زمانهن العصي المقابلة والرجوع
إناث الليل
المستوحدات في كربات مشوية بأصوات ساطعة لن تعود
يُفلين رؤوسٍ أحبة
كانوا رمان أوقاتهن وارتحلوا مثل شموعٍ
أوقدتها ضمّات متقطعة
اللهفات، أطفأتها مجاهل لم تكُ بالحسبان
نساء ما قبل بقليل
شهقة الهجران والعناق الأخير لسورة الانسحاب المبجلة
شجر الفراش والوسائد
المبللة بالدعوات
ثمار أفسدتها حرارات
جاثمة
حلوى مطعّمة بلوز
الاشتهاء كاسدة على الرفوف
لؤلؤاً منثوراً في
بقيع رغبات آثمة، وإن لم تسع إلى شهوة مزمجرة
ضواري هيجتها أبوال
ذكور غيبتهم أمواج وجبال وطرق حاذقة
أدعية وحَّشتها كذبات
متوالية ومواعيد
أفراس دوّت بعد صمت
في تفاصيل وحشية تنمو بثبات كبير
برد
وثلج
وأمطار أحبطتها
مؤامرات المواسم
براكين
أقراش ضاقت عليها
لزوجة الأعماق
تعاويذ
تأوهات تركض في براري
محايدة
يأس
هباب غليظ القسمات
يخرج من جلد المدبوغ بالحراشف
رماد
دخان مسعور يلف حباله
الحجرية على رقاب يتقاذفها هواء بعيد
فروج ملتاعة خبأت
جحيمها بعد طول استعار ومكائد
أرواح تُعذب أطرافها
من كُفرٍ برجعات موعودة لن تكتمل
انحناءات
شهقات
تقلبات
احتكاكات مجوسية
بالوسائد المخطوفة الرعشات
وفيضانات
وانحدارات
وذبول
وامَّحاء
ولعنات تواصل
استكشافها في مجاهل منسية ولا تعود.
شامخة للأحزان بعذقانها المستوية في
مزهرية باهظة التكاليف
أقمنا رغم الأنوف
المتكبرة من علم وأمشاجٍ للأحزان سُرادقها
وابتلينا أوقاتنا
بحامض المرارات وملح الصبوات
وخضنا هاربين من كل
عرف كاهن مستبصر برجم بالغيب لعوب
وأتينا خافقات
الأوجاع من كل صوب شاهرين رماح العثرات
تعضنا من خدرٍ ألعاب
مجهولة الإشارات طافحة الرموز
تجمّعنا سراعاً
كأسراب مقدرة على عجل وفج وعميق وصببنا أنفسنا
في مراجل النميمة
صباً بلا لأي مسبق ولا أمارات، متناسلين من أتربة ثلج
صنع لإيلامنا وما
استطاع إلى ذلك سبيلاً، نتحين مواقيت النحس لندرس الفتك بأعراضنا
مجبولين بالترصد
والبذاءات، ثم نرفع أيدينا باستغفارات علّمناها شطارة العفو وفصاحة البراءة
نتمعدن بنفَس صبور
أدركناه بأفعال لم نقصد استغفالها
إن نحن بسطنا للنهش
كف القصد والمباغتة
أقمنا للأحزان
أفعالها العالية الجدران وما انتبهنا لسهو الألسنة الحداد
وكأننا أبداً ما لعنا
الوقت وعيّرناه بشطط البسالة الخائفة
وها نحن الآن نعقلن
فحولة الذنب ونسلب من البراءة تاريخ نشوئها العقيم
هكذا في توالٍ له
جنسية أخرى
نبرر للهتك قيامته
المدحورة الأنحاء ونهلل تلمع أسناننا في الأشداق
للحم منهوش في
الطرقات وما عدنا عن تجاربنا خائفين
كمثل لعنة قديمة
تستيقظ من موتها وتنهمر على الأعراف دفعة واحدة.
ظلال تشبهني
«إلى ظل خذلناه بسهونا
الكاذب وعارنا الذي لا غفران له..».
إليك يا مختار الدبعي
في شوارع النسيان والإنكار لا يسأل عنك أحد!!".
كلنا متشابهون
في التشبث ببوارق
باهتة لا تشبهنا
كنا نظنها محطات
استراحة محايدة للتأمل فيما مضى
لكننا كذلك نتقبل
عثراتنا في سوء الظن
بدبلوماسية جادّة
نتيجة لإرثنا الشفهي
في تقبل الصدمات
المنهمرة على جغرافياتنا الموبوءة
بطوالع شجن الصبوات
وغدران الوحشة اليومية
التي لا تقبل القسمة
على مشظى ظلالها في مرايا الليل الطويل
بغزارة نُحسد عليها
وبصدورٍ مثخنة
بسهول ناطقة السافانا
وفتوة أيائل ونزق صبَّار
وما لم تقله كوائن
بحيرات مهجورة لبواسق التبغ.
نأتي إلى جولة كنتاكي
مثقلين بهزائم مكثفة
أفرطنا بوعي متحاذق
في التعامل معها دون يقين
مثل أكباش نُذر
مُرجأة تنطح بضياعها البري مجاهل الصمت..
"العابد محمد
الحُسين" يتوعد بغيمة الـ"أشياء" رماد المواقد المعطّلة
وبأنها بداية كرٍّ
متواصل النُقط للخروج
من فخ قوانين لا علم
لنا بها.
"سلطان
عزعزي"
لا يزال مصراً على
المضي في نهارات اليباب إلى أقصاها
لسبب لم يعد بسيطاً
كما توقع المؤرخون
كون "وجدي"
بدأ لتوه بتفكيك
أسرار الصف الخامس من
العمر وكارزمية صلاة الفجر.
يأتي "محمد
عُبيد" محملاً بصيف تهامة الأبدي
ليُعيننا على فهم
طلاسم أبناء الجولات وإشارات المرور
يحمل مسودات دواوينه
غير القابلة للصرف المطبعي
نظراً لانفلاش مادي
مزمن
لا قبل له بتصريف
عماه البنيوي التخاريف
قال "محمد
المنصور" بأن "سيرة الأشياء"
تبدو مخرجاً معقولاً
للفكاك من الأكاذيب الملونة
التي تحيط بمدارك
المتسولين في ميادين الغبار.
حدّث "ابن
الجيلاني علوان" عن معارج العشاق
في صعودهم المتسرنم
وما هم إلى "جنة" المحال
وكذلك تتداخل الشوارع
المبثورة البردقان في سكينة الخراف
وتهب عناكب العمى من
شباك مناياها وترتج الجنادب
وهم الظلال المخدوشة
التآشير
والظلال المستيقظة
اللبان وقواطع الحرمل
ولون الكلام المسكوت
عنه وليونة العقيق
وهم نظراً لإيقاع
شوارد اللغة في فخاخ التصاريف...
وما لم يخطر على بال
وهم...!!!
"وعندك واحد
بُرمة حلى لعمك عبده يا ليد"
صوت "محمد علي
الشهابي" أو "هوزر"
يشق فضاء المطعم
ملحناً ومرحباً بي وكأنه يود البكاء
"هوزر"
قائد كتيبة المباشرين في مطعم الجزيرة
الذي وبإخلاص كما لو
أنه ينعي أباه
قرأ بصوته الذي
امحلته فاقة الطلبات وساخن البُرم
الفاتحة على روح
"ابن غانم فرج"
متمتماً:
"تقولوا أين جنيف يا إخواني؟!"
"هوزر"
القبيلي العسر القادم من تضاريس "الصلو"
يحتل أعلى
"الزبيري" بمفولذ حنينه الريفي
وبقايا مطر وحشي عالق
بين شائك الأهداب
ومكاناً واسعاً من
ذاكرة صنعاء المثقوبة التذكر
يزاحمه
"يحيى" ابن زبيد المعشوشب النظرات
بمكنسته العهدة في
تزعم مسالك الشارع الطويل
وارتجاف المفاصل
بداية كل ليل شتوي غريب.
تساءل "علي
جاحز"
عن كيفية إخراج
"محيى جرمة" من تخبطات حرب
أنطولوجيا الشعر
اليمني الحديث بأقل الخسائر الممكنة
وإعادته لترقيع
غمامته المجروحة أو كيف
تسربت "امرأة
الزبيري" من أصابعه إلى مدرجات الجامعة
ومن سيرافقه إلى تلال
"القصبة"
لكي يُدرك أن المسافة
بين الوطن والمنفى
قد لا تتجاوز قصيدة
نثر قصيرة
لم تُنشر لعطل
كيميائي في انهيارات الشذاب
جاحز العالق بين
صرامة "البَرع"
وأحراش "كتاب
الجزائر" و"العقد الفريد".
أُحيط بنا غيلة بأشراك
التقصد الأكتع ولم نكن
إلا أن المناحي كلها
تدل عليه سيِّد "أسلاف الماء"
والزراعي واحمد وابن
حسن
رسول الأعالي
المحجلَّة "المثار" إلى مسك السهول
أو ربما "عبد
الوكيل السروري" متبرئ من تواريخ لقيطة
لا صلة له بشذوذها
الوثني المؤدلج بَعْر النوايا الحُمر
أو متاهة "ابن
زريق البغدادي" غير القابلة لنستولوجيا السرد
إذاً من يُعيد
لـ"عبد الرحمن الحجري"
أو "مختار
الضبيري" عمرهما المسروق
قبل اكتمال دورة
الكهرمان في أحاجي الياقوت
أو يتلو قصائدهما
التي لم تكتب بعد
على جمهرة مواقيت
تساقطنا في الأمصار.
نحوم حول مصارعنا مثل
ملائكة أخطاء
مبررة تقنياً
و"هاكرز" بداهات خائفة ومتين قول..
مثلاً: هل
"مختار الدبعي" طائرُنا المُبصر في سماوات
مظللة لا تؤمن ببداهة
المنطق المنقوص اللغو
وفذلكة مطارق
الديالكتك على رؤوس فاغرة الإعراب؟
وهل كل المنافذ وجهته
وإن تعالت بأثر رجعي فيها
مشانق القهر المفتولة
خيوط الانتباه المُرِّ وقواطع المسد؟
ومتى في غفلة منا بلا
مواربة تحول إلى ظلٍّ كسير الظلال
يصيبنا ممانعين
ومغضوباً علينا إلى جذع البكاء المشروخ؟
وكيف صار رغم دهائنا
الرقمي المشوش الإعداد
شيفرة انشطارات طرق
مقفرة واحتراق هواجس
تفضح تشوة ظلالنا
العرجاء ولا تسكت
و...
و...
و.................!!؟
مفتوح أمامي وفضَّاح
كتاب من بقوا أو إلى
مؤبد الغياب رُحلوا وارتحلوا
يقرؤني وأقرؤهُ
ملزوزين إلى حراب الأسئلة..
هذا الظل المخطوف شمع
التمني
المسلوخ والمُفَتتْ
الأكباد بين قبائل السّموم
هذه الظلال المسفوحة
على عرصات الذّم المديد
هذا الأنين وجمر
الأقاصي المحبوسة في صندوق
هذه الأسماء العصية
على المحو من سجل الحَزِّ المؤوَّل..
أحمد شاجع
عادل البروي
توفيق الزكري
نبيل السروري...
تغريبة الأخدام
المُشفّرة الأنساب والحواشي
القتلى المنسيون في
حروب الردة المحروقة التصاوير
و...!!!
ظلال تُسابق فينا
غروبها المكدود وخوفنا الشائك...
"فيصل
العواضي" إذ ينتظر "غودو" المحال
بفراغ نبي لا أتباع
له
خادمة الفندق
"سميحة" أدنى المدينة الحجرية
ونحيبها الصومالي
متحشرجاً بكامل الفقد المداري
في وجه دوامات باب
المندب القاتلة
رفرفة
"حنايا" الفراشة و"هدى" المورقة الثلج
في هجير قفار الاسفلت
الباسقة الشيفرات ومقاتل الحظ
أمكنة "نزار
غانم" المسيجة بـ"يود" أوتاره
وروشتاته المهربة إلى
أفئدة ظلال منحوسة المعارج
أدركتها صبابات ابن
عدن البحر ونوارس القلب الرهيف.
هل قلت: "علي
المقري" منزو في "يحدث في النسيان"
هل قلت: ثورة
"العراطيط" ضد كائنات الأسيد النافذة النزع
هل قلت: أرامل إصطدام
الإخوة في مواسم الثأر ومواسم العويل
هل قلت: "توفيق
القباطي" وإتساع مسامير الرمل في كفيه
لأسباب ليس لها صلة
بتعرجات غفلة الظن ومكر النواميس
هل قلت:. ..!!!
يدهمنا الخريف بغليظ
لواقع عصية على التشتت
بينما يصرّ
"محمد الخاشب" على ذكره في هذه السطور
"ما الفرق بيني
وبينكم؟ كلنا ظلال!!"
زعق في وجهي بوجع
الذي لن يحدثني
عن مشاكل
الـ"هارد ديسك" وأمنيته الأبدية بالسفر.
ماذا عن "عبد
الله قاضي" أو "جميل حاجب"
في سديمهما الوطني
المُذّكر الإغلاق؟
كتاب هذا
أم سيرة منسية لظلال
تفقه سَرَّ الوردة
وتحولات الجمر؟
ظلال
ظلال
ظلال!!
يأتون كأقوام نرجس
وجحافل مشاقر
لا يشم وقع خطواتهم
على مدرجات النسيان مخلوق
كما لو أنهم ظلال
قرنفل لأُناس لم يعودوا هنا
تنكرهم طرقات الأيديولوجيا
وعتمة التواريخ
لوضوح قارس يمشي بين
أيديهم..
ظلال مواجع سرية عصية
على الإفصاح
أولهم ماء وهيل فصول
وآخرهم قمح مساغب
عُمي ولؤلؤ سفرجل
كأنني هم لولا أنهم
إياي
تفاصيل مبعثرة
يجمعها جدار واحد
وانكسارات متعددة!!!
< صنعاء-
الخريف-2007
خبايا:
·
الأسماء الواردة في النص هي لمبدعين يمنيين توفي
بعضهم وجن البعض الآخر. بينما ينتظر البقية أحد المصيرين، كذلك عناوين قصائد لبعض
من ورد ذكرهم.
·
العراطيط: جماعة أدبية تأسست في مدينة تعز
اليمنية تعرضت إلى حملة تجاهل غير منصفة.
·
القصبة: حي شهير
بالعاصمة الجزائر.
·
الزبيري: شارع رئيسي
في العاصمة اليمنية صنعاء.
·
غانم بن فرج: المقصود
فرج بن غانم رئيس وزراء يمني سابق.
·
توفي مؤخرا، استقال من
منصبه احتجاجا على مافيات الفساد.
غير أني مع كثرة التفاصيل بغداد
أُسمّيها
وعندما بغداد تصعّدَت
في إسوداد مرايانا، تعويذة لإفك المراغم الحمر، أدركتُ مُعّنُون نحس فأل مصارعنا,
واستطبتُ مكابد المظنَّات في غزل أماسينا, وطوالع العلقم ومشارق الهبَّات المتميزة
الصعق, وألقاب المتاهات الملفوحة الأقانيم تسفعنا
وتأتي دهاليز مشاعرنا المقصوفة الشهقات صائحة
القصف والود.
غير أني مختالاً
مأسوف الترمّد المجسور في شظايانا, ذهبت إلى ضيق غوامض اللحن في معارج الإنشاد,
واجفاً أهذي بـمُفسِّر التساؤل المطعون على ربكة الأجداث, كمثل سماءٍ مجهولة
الأنساب ومطوية بين خفق طائر الهبّات وريشة المعنى
ترتجف حواصل النكبات
في يُمناي, وتناوشني أياسر الإيلام بإيضاح مناكدها, وما لانت في صدري صوارم الفتك
مُفتَّقة, أو أُغمضت على مسكوب نوافر الدم أجفاني, ولم أجد شجر بّرَ ينادي تداعي
القامة المُثلى في تداعيها, فحطيت مرتاعاً على أخماس توجع الخازوق في قلبي وما
دهمتني مُسوّدة الخذلان
أمام متظاهر الوجه
كانت مراراتي تصعد في نافلة الإفصاح. وعندما بغداد متكبرة في ثخين فصاحتها تناديني
تمرُّ على مزاعم الهذيان أنّاتي مشتتة, مكبودة
رواغ الصمت وعسرة الإطراف
وبغداد نافرة
الأثواب, لا جُند في ضراوة مشيئتها تغري انكساراتهم مودتها, ولا نوم مؤجل الرعب
يقصيها. بغداد مُلوّحةٌ
على مهلٍ لصفاقة السرد
بضجيج ما فيها. قبالتي أشواك ثارات مُزنّرة بخاطف أبابيل مجروحة، وريح خوف مغتالة
الخفق.
وبغداد ريحانة
الندامات مهتاجة التوقيت من لأْي وتعامد مقادير وغامق أوزار
أسأل مسالك الأغراب
والأعراب ووحشة الأعراف:
أبغداد صابونة دون
المهاوي المقدّرة التأويل
أم...!؟
أبغداد أُغنية في
بهجة النُكُر والأضداد
أم...!؟
أبغداد جارية مسوخ
الحديد أو بغداد عثرة مقاصدنا
أم...!؟
أبغداد سطر حديث
متطاول المقاصد في سيرة الأشراك
أم...!؟
أبغداد جنازة منسية
في مواسم البغي والنعرات
أم...!؟
أبغداد إنشطار
التخاطيط وشارة الجنرال
أم...!؟
أبغداد قصيدة
الاحتمالات الغُرلُ
أم...!؟
أبغداد فاتحة معشَّقة
الأوراد في زحمة الرجم بالغيب وسود المنايا
أم...!؟
أبغداد لي بسطوة
الضاد المستبان الفصاحة والتبيان
أم...!؟
أبغداد نهايات أندلس
وكرّ يمانين مُعرّبي الأنساب
أم...!؟
أبغداد طرائق قدد في
ليل الغريب المشتت الحركات
أم...!؟
أبغداد تاج على رأس
الغُزاة أو شارة تورط الكُثبان
أم...!؟
أبغداد مفاعيل
التجاوز عند عروش الطغاة مغتالة الزهر
أم...!؟
أبغداد مني حين أنشد
على غضبِ سيرة عاد ورفسة الأحقاب
أم...!؟
أبغداد...
أبغداد...
أبغداد...
فاتحة ثُقل المواجيد
في هبّة عروبة الصبح المطعونة الاسم
أم...!؟
وبغداد طيور العواسف
البيض المسائل حين لا يدركني سوى تواتر المقاصد ورجفة الإفصاح
وعندما بغداد كل
المنايا مشهرة على عواتق مقذوف أباعيد قفار ومجهول درب, وعناد حين كلماء وعندما
بغداد
فراشة الإغضاب في مقدم سور الصد وحشود الجهات
أصمت محتالاً على
فلوات منسية الرقم والتحديد, في عيون نساء الحي وطفولة الأشعار
وأسأل وكلي فصاحات
موزونة الحبك وحذاقة التوصيف, تسيل في غور دواخل ملتاعة تدركني مغارمها:
"هل تكفي طوالع
مصدوق النوايا يا بغداد لذكراك, وخافق الخوف ومذلول العشق المكابر وسكرة الحب،
ومضطرم الأشواق؟"
وبغداد نول خاطري
المعصوف الفتنة وممسوك التلابيب وضوع مرتعش الأنفاس
أسأل ملهوفاً ومن
مثاقيل تترى مغرم البشارة الصدق في باطل التصاوير
كيف أشرح يا سلوة
"الباء" ومَشقُر "الغين" وكل الحروف في عناوينك مُحرّمةٌ
بحارق "الدال" وتسامق "الألف"
في مغارمة, ورهبة
"الدال" معززة الوصف!
كرةٌ على الحظ
مأسوراً ومدعوكاً بحديد الشتاتات وتلون مأرب الأخوة
كرةٌ عن وجه أنثى
فاجأتني أشطار زوايا مواجعة مغتاظة في زحمة النوايا والقصدير
كرةٌ عن أعراف بلاد
تهاوت عن بكرة فوارسها, في مستنقع مرجئ الكذب والتدليس
كرة...
وبغداد...
لعله أنا لا سوى خوف
الوقائع الضد, أشرح لكذب التمني صدق دمع الفجائع, تدركني أفاعيله السود, وتمضغني
وتلقيني
على مشارق التكسر الأشر أخطاء تصبري المنحوس,
حين لا بد من الصعود إلى مشارف الذود والرد أشرح قاصداً
خبث تفاسيري وإقبالي,
على سوء النواح ومخجل التعاليل وحبكة التريث الكذب
وعندما أرفع الصوت
الذبيح التشكيل والمقصود
تخرج من فمي المهجور
حجارة التخرصات وخالص الأنواء
وبغداد أي المقاتل
تجرك إليها من خانوا
فتكيفت مظالم وحشاتي
طويلاً في صعوبة التراجم والتدوين
وبغداد...!
كأنني أنا لولا ومع
ظل سكوني المرصود التشفيات والأفعال
غير أني في عودة
التفاكير من صوتك يا بغداد تهاطلت كما مطر حاضر الإبلال
ومن نخاسة الأنساب
العجماء مزهواً تقاضي حامض بيع سعرك المغتال
كأنه إياي لولا صدق
مكاتيبي أو هُمُ, مع احتمال التشابه الأعسر في قامة الإغواء
وكم من الوقت المعسف
التوقيت يا بغداد بهجة الماء تبغين لتجاهل حشدة الأغراب
لم أتعب ولا أنخت نوق
المساغب بين يدي هرطقة المعادن وتفجع العسكر
لكني تراجعت صوب
علياء نسب أسمائي ومعنى تكبر فلتة الأصل
ثم أن بغداد قوت قادم
المساغب الصفر ولم أفصح بلكاعة المستور
فتعثرت بيانات أرامل
التشطر العوجاء ولم تصل أو ألوذ بلذة الكتمان
وبغداد تمر الرمادات
الناشعة النسخ وزهر القوافي المرجأة.
نهر دامٍ هذا يسابقني
أم مدينة حطب مدرك
الإشعال دهمتها في خلسة الوقت المكابرة
مواضي فؤوسي مسمرة الثقل ومبرمج الوزن الكذوب
ومبهرج الخدع
وبغداد في
محابسها...!؟
ثم أراني مداح قبيلة
منسية الأفعال من كسل وفائض ثريد
أم كلب حنين مخنوق
ومسجور
وبغداد ما لن يقدر
الغزاة على أسمائها
أم لعلّي في تنادر
الغرب ذئب مؤصل الحكايا في عتمة ليل طويل ومحتال
وبغداد كل النهايات
العمياء لغازيها وكل ما قذفوا
لكنني رغم خبث مصائر
الدم ومشرد الفؤاد وصعلكة الروح
شحذت شحة الموال من
ثخانة معانيه
واستجرت فعولات
التصريف
بإعراب ليس في متغير القواعد له غيرُ.
لم أكن أو أنت يا
بغداد من دل الغزاة على مشارف الطعن
لم أكن إياي أو أنا،
غير أن مبحوح أشجان غارة مرة
دلت عليَّ وأنا في حب
جدائلك يا بغداد لم أفصح
فضعت في كامل
التهاويم وآخر النسيان
... وبغداد!!
ديربورن -
صيف 2006