مختارات
العدد
الكلمات
الخضر للأطفال ()
سليمان
العيسى
اقترنت
الكتابة
الشعرية
للأطفال
بأسماء
ذات
أهمية
في
مسيرة
الشعر
العربي
المعاصر،
والتي
نبهت
أيضاً
إلى
هذا
الجانب
المغفل
في
الأدب
العربي،
وفي
الريادة
منهم:
أحمد
شوقي
ومدرسته
الإحيائية
في
الشعر
الحديث.
غير
أن
الإضافة
الأكثر
حضوراً
ومعاصرة
كانت
مع
تلك
النصوص
التي
كتبها
الشاعر
سليمان
العيسى،
وطوَّرها؛
إيماناً
منه
بضرورة
الرهان
على
الجيل
الجديد
بعد
الهزائم
والانتكاسات
التي
مرت
بها
الأمة
العربية.
وقد
توالت
إنجازاته
في
هذا
المجال،
شعراً
ونثراً،
مستلهماً
التراث
والمعاصرة
في
آن
واحد،
كما
تشير
إليه
هذه
المختارات.
ديواني
الأول
الذي
كتبته
بقلم
من
قصب
تعودت
رفيقةُ
الدرب
الدكتورة
ملكة
أبيض
أن
تكتبَ
لي
مقدمة
صغيرة
لمعظم
الدواوين
التي
أصدرتها.
وها
هي
ذي
تقدم
لهذا
الديوان،
شارحةً
دور
الكلمة
في
حياتي.
وقد
رأيتُ
أن
أختار
الحلقة
الثامنة
من
قصة
طفولتي
الشعرية:
«أحكي
لكم
طفولتي
يا
صغار»(1)،
وأجعلها
في
صدر
هذا
الكتاب؛
لا
لشيء،
إلاّ
لأنها
تتحدث
عن
الكلمة
أيضاً،
ودورها
في
حياة
الشاعر،
منذ
كتب
ديوانه
الأول
بقلم
القصب
حتى
الساعة.
الشاعر:
أعِزَّائي...
صباحُ
الخير!
الأولاد:
صباحُ
الخير!
الشاعر:
سأحكي
اليومَ
يا
أطفالُ
عن
ديواني
الأول
عن
الشعر
الذي
سَمَّيتُهُ:
ديوانيَ
الأولْ.
هند:
وهل
يُسمى
الشعر
ديواناً؟
الشاعر:
نعمْ،
يا
طفلتي
الحلوةْ!
نعمْ،
يا
هندُ،
يا
سامِرْ!
يُسمى
الشعر
ديواناً
يضمُّ
قصائد
الشاعر.
هند:
ومتى
بدأتَ
تكتبُ
الشعرَ؟
الشاعر:
صغيراً
كنتُ
حين
بدأتُ
أكتبُ،
أكتبُ
الكلمةْ
مُنَغَّمةً،
ملَحَّنةً
تكادُ
تُغَرِّدُ
الكلمة
تطيرُ،
تطيرُ
كالعصفورِ
فوف
الدفترِ،
الكلمةْ.
الأولاد:
تطيرُ،
تطيرُ
كالعصفور
فوق
الدفترِ
الكلمةْ.
الشاعر:
هيَ
الكلمة
هي
الكلمة
تصير
فراشةً
حيناً
وقنديلاً
على
العتمةْ
وقنبلةً
تَرُدُّ
كتائبَ
العدوانِ
منهزمةْ
إذا
كانت
بهمِّ
الناسِ،
بالأعصابِ
ملتحمةْ.
الأولاد:
هي
الكلمةْ
هي
الكلمة.
الشاعر:
كتبتُ
قصائدي
الأولى
بظِلِّ
التوتِ
والتينِ
من
العاصي..
من
الأشجارِ...
من
صوتِ
الحساسينِ
ومنْ
موَّالِ
فلاحٍ
يغنِّي
في
البساتينِ
سَرَقْتُ
النَّغمةَ
الأولى
بدأتُ
بها
تلاويني(2).
)
الأولاد
يرددون
الأبيات
السابقة
مع
الشاعر)
كتبتُ
قصائدي
وجمعتُها
في
دفترٍ
أزرقْ
بلون
سمائِنا
الزرقاءِ
كانَ
غِلافُهُ
الأزرقْ(3)...
الأولاد
(في
بهجة
ومرح:)
بلون
سمائِنا
الزرقاءْ
بلون
سمائِنا
الزرقاءْ
قصيدتنا،
معلقةُ
الحنين(4)
سماؤُنا
الزرقاءْ
قصيدتُنا،
وتُكتبُ
بالنجوم...
سماؤنا
الزرقاءْ.
الشاعر
(يتابع
الحديث:)
وكانتْ
عُدَّتي
قَلماً
أَجَلْ،
قلماً
من
القصبِ
بَراهُ
أبي...
وأبْرعُ
كاتبٍ
في
الرِّيف
كانَ
أبي
وعنهُ
أَخذْتُ
هذا
الدَّرسَ
بعد
الجهدِ
والتعبِ(5).
الأولاد:
ماذا
سَجَّلتَ
بديوانكْ؟
ماذا
غنَّيتَ
بديوانكْ؟
الشاعر
(مبتسماً:)
ماذا
غنَّيْتُ
بديواني
وأنا
طفلٌ
تحت
الشجرةْ؟
لا
أذكرُ
كلَّ
قصائدِهِ
كانتْ
أزراراً
منتثرَةْ
(ينظر
إلى
البعيد
وتظهر
على
وجهه
علامات
حزنِ
عميق)
غنَّيْتُ
تعاسَةَ
ضيعتِنا
سَجَّلتُ
تباشيرَ
الغَضبِ
وحملتُ
إلى
الغيمِ
الشَّكْوى
وهتَفْتُ،
هتفتُ:
أنا
عربي!
إياد:
(في
نبرة
استغراب
ممزوجة
بالغضب:)
هل
أصبحتْ
جريمة
أن
تَذْكُرَ
الأشجارْ
بأنها
أشجارْ
ويهتفُ
النهارْ
بأنهُ
نَهارْ؟!
هند:
هلْ
كانَ
صعباً
أن
تقولوا:
إننا
عربْ؟!
الشاعر:
كانَ،
وما
يزالْ
يا
هندُ،
ما
يزالْ
أعداؤنا
الأشرارْ
يستعمرونَ
الدَّارْ
ويسرِقونَ
الأرضَ
والأسماءْ
يمحوننا
لو
استطاعوا
مَحْوَنا
من
عالمِ
الأحياءْ.
الأولاد
بلهجة
غاضبة
يهتفون:
لَكنَّنا
أحياءْ
لَكِنَّنا
أحياءْ
الويلُ
للُّصُوصْ
الويلُ
للأَعداءْ!
الشاعر
يواصل
الغناء:
قاتلتُ
بأشعاري
الأولى
قاتلتُ
بديواني
الأزرقْ
سَمَّتْني
القريةُ
شاعرَها
وعرفتُ
بها
الحبَّ
الأعمقْ
ما
زالَ
صِغارْ
في
الريفِ
صِغارْ
يَتْلُونَ
قصائدَ
ديواني
ذي
الجلْدِ
الأزرقِ،
ديواني
وكَبِرْتُ
أنا
ونَسِيتُ
أنا
لكنَّ
أناشيدي
الأولى
ستظلُّ
ينابيعي
الأولى
ستظلُّ
رفيقتيَ
الأولى
وسأبقى
أولَ
ديوانِ
(يردد
الأولاد
بعض
الأبياتِ
الأخيرة
مع
الشاعر،
وهم
غارقين
معه
في
حُلُم
بعيد.).
دمشق 29/
9/ 2009
(1) ترجمت
الدكتورة
ملكة
أبيض «أحكي
لكم
طفولتي
يا
صغار»
إلى
الفرنسية
وطُبعت
الترجمة
في
الجزائر
عام 2001
(2)
التلاوين:
مفردها:
تلوين,
والمقصود
بها:
الملامح
والصفات
الأولى
للشاعر
الطفل.
(3)
غلافه
الأزرق:
كان
قطعة
من
القماش
الأزرق
المزهر،
فصّلتها
بيدي،
وغلفت
بها
الدفتر.
(4)
المعلقة:
قصيدة
طويلة
من
العصر
الجاهلي
سماها
أجدادنا
العرب
هذه
التسمية
لأنهم
كانوا
يعلقونها
-كما
تقول
الرواية-
على
جدار
الكعبة،
تكريماً
للشعر
والشعراء.
والمقصود
هنا:
قصيدة
«الحنين»
الطويلة.
(5)
هذا
الدرس:
أي
طريقة
بري
القلم
بصورة
دقيقة
ليكون
الخط
جيداً.
وهي
عملية
تحتاج
إلى
مهارة
ودقة
شديدة.
ولا
تنسوا
يا
أطفال
أن
الخط
العربي
فن
رائع
بحد
ذاته،
فليكن
خطكم
جميلاً
متقناً.
الكلمات
الخضر
للأطفال
المطر
مطرْ
مطرْ
مطرْ
بالنعمة
انهمرْ
بالعشب
والثمرْ
تهللي(1)
يا
أرضنا
السَّمراءْ
واستقبلي
هديَّةَ
السَّماءْ
مطرْ
مطرْ
مطرْ.
غداً
يموجُ
حقلنا
سنابلا
غداً
تُغَنِّي
أرضُنا
جداوِلا
سنابلاً
سنابلا
جداولاً
جداولا
تسقي
بها
العطاش
يا
مطرْ
تُحْيي
بها
النُفوس
يا
مطرْ!
تهللي
يا
أرضنا
السَّمراءْ
وعانقي
هديَّةَ
السَّماءْ
بالنِّعْمة
انهمرْ
بالعشب
والثمرْ
يا
مرحباً،
يا
حُلْوُ،
يا
مطرْ!
العيد
ثيابٌ
جديدة
وجوهٌ
سعيدةْ
أقبِّلُ
مامــــــــا
أقبِّـــــــل
بابــــــا
وأهتفٌ:
عيدْ
سعيدٌ
سعيدْ.
ألاقي
رفاقي
بِرأسِ
الزُقاقِ
أراجيحُ
تَغْدو
أراجيحُ
تُقْبِلْ
وتصْعَدُ
دَعْدُ
وغسَّانُ
يَنْزِلْ
ونَهتِفُ:
عِيدْ
سَعيدٌ
سعيدْ.
ندورُ
ندورْ
ويطغَى
السُرورْ(2)
على
كلِّ
قلْبِ
وفي
كُلِّ
دربِ
أراجيحُ
نُورْ
ودُنيا
حُبُورْ(3)
ونَهتِفُ:
عِيدْ
سَعيدٌ
سعيدْ.
الشتاء
أوْقِدْ
أوقدْ
نارَ
الموْقِدْ
الرِّيحُ
تئنُّ
على
الشجرِ
وتُعانقُ
خِيـطانَ
المطـرِ
الرِّيحُ
رسولْ
الرِّيحُ
تقول:
خَبَّأنا
للشجرِ
العاري
خَبَّأنا
أحــلى
الأزهـــارِ
أوْقِدْ
أوقدْ
نارَ
الموْقِدْ.
عُصفورٌ
فَرَّ
منَ
البَردِ
وتَسَلَّقَ
نافذةً
عندي
عُصفوري
جاء
والجوُّ
شِتاءْ
عُصفوري
الحُلو
سأحميهِ
وسأُطعمُهُ
وأدَفِّــيـــهِ
أوْقِدْ
أوقدْ
نارَ
الموْقِدْ.
الثلج
يا
ريشَ
العصفورِ
الأبيض
يا
ذَرَّاتِ
الثلجِ
غطِّي
أشجارَ
حديقتنا
غطِّي
وَجْهَ
المرْجِ!
يا
ريشَ
العصفورِ
الأبيض
يا
لَحنَ
القيثارِ
غَنّي
غَنّي
في
شُرفتِنا
غطّي
سطحَ
الدَّارِ!
يا
ذَرَّاتِ
الثلجِ
انهْمري
غطّي
وجْه
الدَّربِ
الآنَ
سأكتبُ
تمريني
وسأخْرُجُ
لِلِّعْبِ.
الربيع
كلُّ
شَيء
يُزهِرُ
كلُّ
شيءٍ
أخضَرُ
الربيعُ
الحلوُ
عائِدْ
والعصافيرُ
قَصائِدْ
مرحباً!
جاءَ
الربيعْ
مرحباً!
عادَ
الرَّبيعْ.
عندَ
أنفاسِ
الصَّباح
بَكَّرَ
الرَّاعي
وراحْ
اسبقــيهِ
يا
خِــــــرافْ
واعبُري
خُضرَ
الضِّفافْ
اسبقي
لَحــنَ
الغِـــناءْ
في
فمِ
الــوادي
أضـــاءْ
واقضمي
العشبَ
البديع
إنَّــهُ
فَصْــلُ
الربــيــعْ!
الخريف
ورقاتٌ
تطْفِرُ
في
الدَّربِ
والغيمةُ
شقراءُ
الهدبِ
والرِّيحُ
أناشيدُ
والنهرُ
تَجاعيدُ
يا
غيمةُ
يا
أمَّ
المطَرِ
الأرضُ
اشتاقتْ
فانهمري
الفصلُ
خريفْ!
عُدْنا
عدنا
بدفاتِرِنا
بأغانينا
وبشائِرنا
البسْمَةُ
في
شَفَتي
ما
أحلى
مدْرسَتي
والفصلُ
خَريفْ!
الصيف
آتي
والبسمةُ
في
شفتي
وبجيبي
نورُ
الشمسْ
آتي
بِخِتامِ
المدرسةِ
لِلَّعبِ
أنا
والأنسْ.
وأوزّع
أطفالَ
البلدِ
كنجومِ
سماءٍ
تنتثِرُ
أعطيهمْ
أجملَ
ما
بيدي
الشمسَ
الحلوةَ
والقَمرْ.
أعطيهمْ
أمواجَ
البحر
أعطيهم
أنسامَ
الجبلِ
وأمدُّ
لهم
بُسُطَ
الزَّهْرِ(4).
وأرى
في
أعينهم
أملي.
آتي
والبسمة
في
شفتي
اسْمي
فصل
الرَّاحةْ
لولا
عملي
في
مزرعتي
ما
ذُقتم
تُفَّاحة.
آتي
والبسمة
في
شفتي
وبجيبي
نور
الشمسْ
وثماري
تَملأ
مزرعتي
فاجْنوا
وأتِمُّوا
الغَرسْ!
القارئ
الصغير
اسمي
«كاملْ»
وأبي
عاملْ
وأنا
أقرأُ
أقرأ
أشياء
مكتوبةْ
أقرأ
قصصاً
دونَ
صُعوبةْ
أقرأ
أزهارَ
الليمونْ
أقرأ
حبَّاتِ
الزيتون
أقرأ
محراثَ
الفلاَّحْ
لوِنَ
الحقلِ
وسُنبُلِهِ
نَوْلَ
أبي
في
مَعْمَلِهِ...
أقرأ
أقرأ...
قِصَّةَ
أرضي،
قصة
وطني
كلَّ
مساءٍ،
كلَّ
صباحْ.
أقرأ
ما
يَحكيه
النورْ
ثمَّ
يُغَنِّـيهِ
العُصــفور
أقرأ
أغنيةَ
المستقبل
تـكتــــبها
الأجــيال
يكتـــبهــــــا
الأبطـــــــــــال
والمستقبلُ
حقلُ
بذور.
أمّي
مَلَكٌ
يَرِفُّ
على
سريري
يَحنو
بأنفاسِ
العَبير(5)
سِرُّ
الإلهِ
بمُقلتيهِ(6)
ونَعِيمُهُ
في
راحَتَيْهِ
أغْلى
منَ
الدنيا
عليَّ
وأحبُّ
مَخلوقِ
إليَّ
أفدي
الملاكَ
السَّاهرا
قلباً
عليَّ
وناظِرا
لو
كنتُ
يوماً
شاعِرا
أبدَعْتُ
أجملَ
ما
تُغَنِّي
عُصفورةٌ
في
مِثلِ
سِنِّي
وسَقيتُ
ضوءَ
الفجرِ
لحني
وحملتُ
أغنيتي
لأمي
أحلى
أناشيد
الهوى
قُبلاتُ
أمِّي.
|