العدد الرابع - ربيع 2008م

   
 

نصوص
 

ما أبعد... !!
(فصل من تنهيدة طويلة)(لقراءة المقال بصيغة أكروبات

                                                                               

                                         عبد الوهاب المقالح
                                                      شاعر ومترجم من اليمن.

ما أبعد هذه البلاد!  

وما أتعسك وأنت تجوس خرائبها المزوَّقة

 محدِّقاً في اللفائف والجدارن

 متفرِّساً في الريح الهابَّة

 لا شيء تزجيه

 غير صدأ الأوجه المحروقة!

 ما أبعدها!

 صارت أضيقَ من حيرتك

 أوسع قليلاً من خرم الإبرةِ التي تخِزُ القلب.

                          * * *

  لا أمجادَ تدَّعيها

 ولا بطولات تجترحها

 غير الكرامةِ البائرة والاعتداد الجريح،

 غير مهابةٍ موهومةٍ

 ما أبعد هذه البلاد!

 وما أتعسك وأنت تجوس خرائبها المزوَّقة

 محدِّقاً في اللفائف والجدارن

 متفرِّساً في الريح الهابَّة

 لا شيء تزجيه

 غير صدأ الأوجه المحروقة!

 ما أبعدها!

 صارت أضيقَ من حيرتك

 أوسع قليلاً من خرم الإبرةِ التي تخِزُ القلب.

                           * * *

 لا أمجادَ تدَّعيها

 ولا بطولات تجترحها

 غير الكرامةِ البائرة والاعتداد الجريح،

 غير مهابةٍ موهومةٍ

 تسطع في الظلمةِ

 وترتدُّ في عين الشمس

 لست ضروريّاً لأحد.

                           * * *

 الفرعون هنا هو الحاكمُ بأمر الله:

 المدرِّسُ بعصاه،

 الخطيبُ بمكبِّر صوته،

 الأكاديميُّ بحذلقاته

 والـ... نَّاسُ باستخذائهم الباذخ

 تُرى «ماذا سيحلُّ بهم من غير برابرة؟»(1).

 الإخفاق سيِّد الموقف:

 يريد التَّيسُ أن يثبت فحولته

 فتخذله ركبتاه

 وتخذله أمجاد «الفياغرا»

 ناسياً أن الحبَّ هو امتنان العصافير للشجرة

 امتنان الشجرة للتغريد

 امتنان النّدى لرقَّةِ البتلات

 امتنان البتلاتِ لطهر النّدى البرّاق

 «يردُّ  يداً عن ثوبها وهو قادرٌ

 ويعصي الهوى عن طيفها وهو راقدُ»(2).

                           * * *

 الإخفاق سيِّد الموقف:

 يكتبُ الشاعر قصيدته ليُسوِّد البياض

 يكتب الشاعر قصيدته ليبيِِّض السواد

 تفضحه كلماتُه

 يخذله بريق الشعر

 تفضحه أمجاد «الفياغرا»

 غير مدركٍ أن الشعر هو إزهار الروح

 أن الشعر عصارة الحياة

 أن الشعر امتنان النسمة للأيكات

 امتنان الأرض الجدباء للسحابة

 امتنان السحابة لعبق البحر.

                           * * *

  الإخفاق سيِّد الموقف:

 الكلُّ يبحث عن الأمن

 تُشيَّدُ القلاعُ،

 وتُبنى الحصونُ،

 وتكدَّسُ الأسلحةُ،

 وتُجيَّشُ الجيوش

 «وما الخوفُ إلاّ ما تخوَّفهُ الفتى

 وما الأمنُ إلاّ ما يراهُ الفتى أمنا»(3).

                           * * *

 الإخفاق سيِّد الموقف:

 «طه الجنَد» يغازل بائعة الخبز بجلافةٍ يحسدهُ عليها

 شاوشُ الحبس

 تهدِّدهُ بالزَّجر،

 يُطمئنها قائلاً:

 «كلُّنا في الجوعِ سواء، أيتها الأخت،

 والعشقُ ترفٌ لا نقوى عليه، ولا نستحقُّه.

 العشقُ ليس لنا، يا أختاه!

 والرذيلةُ ليست من فضائلنا،

 الرذيلةُ شغلُ الساسةِ وأصحاب الفضيلة»(4).

  

 هوامش:

  (1) كفافي.
(2) المتنبي.

(3) المتنبي.

(4) طه الجند، من شعراء اليمن المعاصرين، سليل «تأبط شراً».