العدد العاشر - ربيع 2010م

   
 

نصوص
 

شِفَاْهٌ نَاْقِصَةٌ  (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)
 

                                                    عصام واصل
                                                  شاعر من اليمن

وأَنَاْ الغريْبُ

أبيْعُ أنسجَتي لغيمٍ عابرٍ

في جرحِ أغنيتي

وأسرقُ لحنيَ المشروخَ منْ شفةِ الحبيبةِ

قبلَ أنْ يأتي الحنينُ ويحتويني شارعاً

أو شارعيْنِ.

أنا الغريْبُ

ونسوةُ الغاباتِ يَذْرِفْنَ الرِّياحَ عَلَىْ الرياحِ

ويسْتمعنَ إلى رياحٍ مشرعاتٍ في نياشين البلادِ

وقبعاتِ الْجُنْدِ

يَقْطَعْنَ الحبالَ إذا رأينَ أنامليْ يَعْزِفْنَ أغنية المَهَاْجِرِ

بَيْنَ بينٍ متعبٍ بصديقةٍ

وبطاقةٍ

وبنسوَةٍ يرضعنَ سكيناً

ويخرقْنَ الحروفَ على اشتهاءٍ ناقصٍ

مازالَ يقبعُ خلْفَ بابِ النفسِ..

والأَنْفَاسُ تأمرُ بالخروجِ.

أنا الغريبُ على أنامِلِها

وبابِ مدينتي

وشوارعِ الذكرى

أبيعُ أناملي للعاشقاتِ

وأَشْتَرِيْني منْ أساورِهِنَ ماءً

كيْ أُسَقِّي ما تيسَّرَ من شقوقِ القلبِ.

يا وطنيْ

أنا في شوارعِكَ الغريبةِ

لا أراكَ ولا أراني

متعبٌ يا شارعَ الأشجانِ في وطني

مليءٌ أنتَ بالغرباءِ:

أحجارٍ

وطينٍ

نسوةٍ

مطرٍ

دموعٍ

عسكرٍ

سوقٍ وبائعةٍ

وطفلٍ أشقر

وموانئ تهذي

وريحٍ صرصر

وحبيبتي

وأنا الغريبُ

أبيعني شجناً عليكَ

وأمتطي ضجري

وأبكي أيُّهَاْ الوطنُ الغريبُ...

أنا الحزينُ على أزقَّتِكَ الحزينةِ

أحتسي وجعي وأُلقي ما تيسّرَ من حنينٍ في عيونِ العاشقاتِ

وأقتفي أثري

فراشاتٍ

وأجنحةً مكسرةً

وشمعاً ذابلاً

و»قوافلاً» تعبَتْ من الهذيانِ

يا وطني المدجَّجَ بالجنودِ وبالمساءِ

وبالأغاني الشَّاحبِاْتِ

وبالصهيلِ

وهذه الطرقاتُ أوجاعٌ على الأبوابِ تشحذُ خبزَها

وتبيع أبخرةَ المدينةِ للجياعِ وللرمادِ.

أنا الغريْبُ أجيءُ أغنيةً

على أنفاسِها تخضرُّ أحزانُ «الزَّوَاْمِلِ»

والمواويلِ الأسيرةِ في الشقوقِ.

أنا الغريبُ أبيعُني للرِّيْحِ يا وطني

لكي ألقاكَ أغنيةً

وسنبلَةً توزِّعُ قلبَها للعاشقينَ

وماءَها للطيبينَ

وظلَّهَا للخائفينَ...

أبيعُني للتِّيْهِ كيْ ألقاكَ أُغْنيةً

وأمضِي.

 

الجزائر 26/ 12/ 2008