العدد العاشر - ربيع 2010م

   
 

نصوص سردية
 

 رجل دعايــــــــة (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)
 

                                                    أفراح الصديق
                                                     قاصة من اليمن

الآن انتهى الفصل الأول من المسرحية، وأنتظر التصفيق من الجمهور، لكن لا يوجد عندي جماهير، فجمهوري الوحيد هو نفسي؛ إني أنظر إلى صوري المنشورة في كل الزوايا من مملكتي بكل فخر واعتزاز، والآخرون يمرون من جانبها دون أن يعيروها أي اهتمام.

 أنا الآن حائرٌ ماذا أفعل!؟ منذ أن وقعت عيناي على تلكم الفتيات الثلاث اللواتي كُنَّ يقمن بعمل لمؤسستي التي تفوق الكثير من المؤسسات العالمية، كنت أرى صورهن في التلفاز وفي كل مكان، وأتمنى أن أكون مكانهن وأحتل نظرات الناس وقلوبهم... عندما يرونهن كان قلبي يحترق شوقاً، وكنت أتساءل كثيراً وبكل صدق ومن أعماقي المليئة بالانشغال والتعب والجري وراء كل أعمالي كيلا أتعرض للخسارة. كنت أتساءل وأنا بكل هيلماني وجاهي وشركاتي... إذا ما مررت بجانب أي معرض أو دكان صغير، أو حضرت احتفالاً لا يكون من شأني: لماذا لا يعرفني الناس، وهؤلاء الفتيات اللاتي يأخذن أجورهن مني معروفات في كل مكان، كل الناس يعرفونهن ويتكلمون عنهن ويتلهفون لملاقاتهن؟!

 

لم تكن الفكرة فكرة عابرة، بل أخذت مني وقتاً وجهداً كبيرين. حسمت الأمر حينها بألاَّ مجال للمساومة، وحان وقت العمل. عندما ذهبت إلى مكتبي في مؤسستي، استدعيت في الحال الشؤون المالية والعلاقات العامة والإعلانات، وبدأت بإصدار أوامري. كانت الدهشة على وجوه الجميع، إلاَّ أن أحداً لم يستطع أن يعترض، فأنا الآمر الناهي. بدأت خطوات العمل. ولكي أكون «رجل دعاية» من الطراز الأول يجب عليَّ أن أتقن كل ما يُطلب مني، والتفرغ والانصياع التام لمزين الشعر وخبير الماكياج.

 

لقد استمتعت بهذا العمل أيَّما متعة. وكنتُ أخرج دون أن يعرف أحد لأرى صوري المعلقة في الشوارع، وأحس بالفخر والحياة. وفي إعلان التلفاز كنتُ أنتظر الوقت الطويل حتى يجيء إعلاني، فأرى نفسي وأنا في غاية السعادة، وأحس بأن كل أطفال العالم يعرفون من أنا.

 

مع هذا لم أستطع أن أكمل الفصل الأخير من المسرحية بشكل لائق ومرضٍ لغروري وحسدي؛ فبالرغم من كل تلك الإعلانات في كل مكان، فمازلت مجهول الهوية، الغالبية العظمى من الناس ممن يرونني -البعض ينفر من عملي كرجل إعلان، والبعض الآخر مستمتع بهذه البدعة- لا يعرفون اسمي، ومن أنا، وماذا أكون... لا أحد يتمنى أخذ