العدد التاسع - شتاء 2009م

   
 

دراسات

 محوى زين.. حتمية طبقية وقانون جائر
قراءة
سردية لرواية "طعم أسود.. رائحة سوداء" (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

صباح الإرياني
قاصة وشاعرة من اليمن مقيمة في السويد.

مدخل:

بعد قمتي اليمن في الأدب الواقعي اليمني: محمد عبد الولي, وزيد مطيع دماج, ظهرت أسماء عدة كتبت وعبرت عن الكثير من الظواهر الاجتماعية.

يعد الروائي علي المقري من أبرز هذه الأسماء، والذي أثار بروايته: "طعم أسود رائحة سوداء"(1) الكثير من التساؤلات، سواء على مستوى رقعة الوطن أم في الأوطان المجاورة.

تساؤلات تغوص في حيز المخفي في قاع راكد، تحاول الأعين والأيدي أن تراه أو تلامسه، لكنه متشابك بطحالب صمغية تنزلق وتتلوى مخفية الحقائق في سدنها الراكد المعتم.

ولنقل بصدق: هذا هو المجتمع اليمني بفئاته وآفاته. وإحدى فئاته: "الأخدام"، بمرارة أقولها؛ لكني مجبرة على استخدام هذه التسمية، لإيضاح النص.

أما الآفة فليست هم، بل رؤيتنا لهم وما نطلقه عليهم من تسمية. ولا شك أن لهذه التسمية دلالة كبيرة على لا تجانس المجتمع، وحدة فوارقه الطبقية. والسؤال الذي أثارني حين رؤيتي لعنوان الرواية هو: هل حقا يزخر مجتمعنا بسادة بيض ليكون هناك خدام سود؟

سؤال مغيظ أيضاً؛ لأن معنى هذا أن هناك ظاهرة شاذة تفرض نفسها داخل المجتمع الذي تنص إحدى مواده الدستورية على أن "المواطنين سواسية". قادني السؤال الأول إلى سؤال ثان: هل لهذه الظاهرة الشاذة أن تتحول إلى خلل نسقي داخل البناء الاجتماعي، بما فيه البنية الثقافية نفسها؟

وهل هذا هو المجتمع اليمني: مجتمع لا متجانس؟

وهل رؤية هذا الخلل يعكس رؤى تاريخية مستقبلية أخرى لهذا المجتمع من شأنها إما أن تزيد من حدة لا تجانسه وإما أن تدعم الرؤى المطروحة لمعالجته؟

تساؤلات طرحتها الرواية بشكل سردي روائي، وأطرحها هنا مستخدمة التحليل الاجتماعي في قراءة الآداب والفنون.

حسب المقولة "الأينشتاينية" تسير الأجسام والظواهر في مدارات منحنية, وهذا يجعلها تغير مساراتها واتجاهاتها. وهذه النظرية النسبية يمكن تطبيقها على الظواهر اللا اجتماعية، وكما هو حادث فعلا؛ فلو عمقنا الرؤية في المجتمع اليمني، كما أوضحته الرواية، لوجدنا أن هناك خطاً مستقيماً ثابتاً له بداية ونهاية... ظواهر تكمن في القاع، وظواهر تكمن في القمة وبينهما هذا المدى الثابت الذي يحد من تسارع الحركة, بمعنى سوسيولوجي التغيير.

وبعكس ذلك هي المجتمعات التي تسير في عملية التغيير وفق عمليات دائرية انحنائية تمر بصراعات طبقية صحية تطيح كل واحدة منها با لأخرى، إلا أن هذه الدورات ليست لانهائية، وليست ثابتة، كما قد يكون التغير بخط مستقيم.

ولو رصدت عملية التغير في المجتمع اليمني لوجد هناك خلل نسقي داخل البنية لا شك سببه الخلل الوظيفي في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. هذا الخلل في الوظائف لا شك يعكس نفسه بشكل أو بآخر في تفتت الوحدة الكلية للمجتمع وعدم تجانسها.

فالبنى الاجتماعية تكون متجانسة حين تدمج جماعاتها الصغيرة في وحدة كبرى، ومن ثم تمتلك أدوارها ووظائفها داخل تلك الوحدة. وتلك الصورة غير متواجدة في المجتمع اليمني؛ فهو يحوي جماعات وفئات صغيرة محدودة الحراك, وفي الوقت نفسه تتواجد جماعات أكبر وأقوى تفرض هيمنتها وسيطرتها على القنوات الاقتصادية، بحيازتها لملكيات كبيرة ورأس مال لايشغل في اقتصاد الوحدة الكبرى للمجتمع، وبالتالي لا يحدد نوعية إدارته.

فالمجتمع اليمني يحوي ارتكازاً قبيلياً في كثير من المناطق لا يتسم بنمطية اقتصادية محددة. كما يحوي تمركزاً سياسياً شبه مديني في المدن الكبرى، ولكنه خال من قواعد قاعدية لبنية اقتصادية تحتية. ولهذا أطلقت عليه "مجتمع لا متجانس"، من حيث وحدته المجتمعية وتفاوته النسقي ما بين قمة وقاعدة بينهما تظهر تقسيمات لا نمطية وغير موصوفة.

في قاع هذا اللاتجانس من الطبيعي أن تظهر فئة مهمشة منفية كفئة "الأخدام".

يقول الروائي علي المقري في أحد حواراته:

"الأخدام ليسوا أية فئة أو أي مجتمع"(2). ويواصل: "يمكن القول إنهم حالة إنسانية نادرة، وتاريخ هائل من التمرد والجمال والفن، ولهم حياتهم الخاصة، على رغم كل قهرية التمييز العنصري والتهميش والفقر. حياة تبدو متجاوزة ومغايرة للسائد وثقافته العنصرية والمكرسة عبر التاريخ"(3).

وبالفعل، من الممكن من الناحية الاجتماعية أن نقر أن هناك فئة مهمشة تواجدت على مدى تاريخ لا يقل عن خمسين عاماً وإن زاد وهذه الفترة التي حددناها هي فترة عمر الثورة اليمنية والتي وضع فيها دستور تنص إحدى مواده القانونية: على كفالة "المساواة لكافة الفئات الاجتماعية".

ورغم ذلك تجذر تهميش هذه الفئة وعمق نفيها لتصبح كما هي في نظر الراوي، حالة إنسانية عامة يجب النظر إليها بل والعمل على دمجها في النسق الاجتماعي.

لكن الروائي علي المقري يجيب على هذه الفكرة بتساؤل يطرحه في أحد حواراته:

"هل للأخدام هوية ليتم دمجهم؟ وأين يوجدون في هذه التركيبه الاجتماعية ويقينيتها؟ أين تكمن روحهم الحرة في هذا النفي التاريخي الطويل، نفي الفكرة! نفي الهوية!؟".

وبنفسه يجيب في مكان آخر: "الأخدام يواجهون ممارسات عنصرية من غالبية المجتمع اليمني، فيعيشون في تجمعات منبوذة ومعزولة لا يتمتعون فيها بأدنى حقوق, حتى تلك التي حصل عليها أسلافهم العبيد في كثير من البلدان، والذين يشبهونهم بالسمة السوداء, وهي سمة تظهر في حال الأخدام كمبرر عنصري لنفي أصحابها من الوطنيه وحق المواطنة والمساواة, بل تتحول إلى شبه يقين معرفي ينحو في اتجاه الأسطورة والخرافة, كالقول إنهم ليسوا من البشر أو أنهم عصيون على النظافة, وأن الدود يعقبهم في أي وعاء يأكلون فيه.

أما تمرد الأخدام وسلوكهم الغجري المميز فإنه يصاحب القول عن كسرهم للقيود الأخلاقية وتحررهم الجنسي"(4).

والأخدام ليسوا هم خدم البيوت، كما قد يبدو لمن لا يعرف التركيبة الاجتماعية في اليمن؛ إذ حتى هذا النوع من الخدمة هم مبعدون منها بحكم الموروث التقليدي الممتد والمحكي عن نجاستهم كما سبق الذكر.

يحاول الراوي علي المقري في أحد حواراته تقديم تعريف موضح عن "الأخدام"، لكنه يقر بصعوبة ذلك، إذ يقول:

"من الصعب تقديم تعريف واحد عن الأخدام في اليمن، كالقول إنهم الخدم الفقراء الذين يقومون بتنظيف القاذورات والأوساخ في خدمة للميسورين والأغنياء، أو أنهم إذ يعيشون في هامش القرى والمدن يمتازون بلون جلودهم السوداء"(5).

هل هؤلاء هم الأخدام -إذاً- مواطنون سود البشرة يقومون بأعمال النظافة لا مجال لانخراطهم في أي نشاط مقبول من الفئات الأخرى! كما لا مجال لممارستهم مهن قد تسمهم باحترام غيرهم؟

"نشتي من يحترمنا كما نحن، يحترم ثقافتنا، يحترم لوننا، طعمنا الأسود"(6).

هذا ما يطلبه سكان "محوى زين" على لسان إحداهم (بهجة). فمن هم "الأخدام" إذاً، إن كان السارد بنفسه قد قال إنهم "ليسوا الخدم, وليسوا أية فئة أو مجتمع"(7)؟

لكي نضع صورة أوضح لما طرحه الروائي علي المقري عن هذه الفئة التي ليست نتاج خيال أدبي محض، بل واقع اجتماعي مجسد وموجود، ارتكزنا على عاملين رئيسيين في دراسة هذه الرواية (طعم أسود... رائحة سوداء). هذان العاملان هما: المنحى التاريخي، والمنحى القانوني.

تمركز هذين الشقين في الدراسة لا ينفي أن الراوي قد استند في سرده على الجانب الثقافي بما يحويه من أعراف ومقولات متداولة وأغان وأهازيج شعبية, وحتى الطقوس التي تمارسها هذه الفئة في حياتها وسلوكها اليومي، في أفراحها وألعابها وأحزانها... لا تبعد عن الواقع كثيراً، وإن تداخلت معها الحبكة الدرامية اللازمة لأي عمل روائي.

أما الجنس فقد استخدمه في الرواية كمحرك أساسي لعلاقات إنسانية خارجة بممارسته كفعل عن وظيفته كلذة أو وسيلة للإنجاب. بل إن الجنس في رواية "طعم أسود... رائحة سوداء" هو تحقيق للذات, ومحاولة لنسيان همٍّ. والزواج هو طلب للاعتراف بهوية أناسية, واستبدال القيمة الفردية للإنسان بقيمة ومكانة أوسع؛ "الدكتور سيتزوج جمعة"(8).

وهكذا يصبح البعد الاجتماعي، بكل مفرداته وعلائقه في هذه القراءة السردية، هو المدخل الذي لا ينفصل الجنس فيه عن المنحى التاريخي للظواهر المعرفية والقانونية لفئة مثل فئة "الأخدام".

كل هذا استخدمه الروائي علي المقري في الرواية لا ليشكل بناء سردياً أدبياً متعارفاً عليه قد لا يتوافق مع عالم "الأخدام" اللايقيني وغير المحدود ثقافة وحياة... وكما قال بنفسه في أحد نصوصه: "فمع هذا العالم لا يمكن اتباع مسارات السرد ومفاهيمه المكرسة في كل الجوانب. فالحب مثلاً لم يعد محركاً أو دافعاً للفعل المتمرد، وإنما الجسد. خيط رائحته هي التي تقود إلى التضاد وبالتالي المضي في الحرية"(9).

 ويتساءل الراوي: "هل استطعت فعلاً تحقيق ما أردت؛ أن أقدم نصاً غير مغلق في إطار مرجعية مختلفة, وإن بدت تستذكر في إطارها الماضي؟"(10).

وهو بالذات الهدف من هذه القراءة. كيف عمد الروائي علي المقري إلى أن يقدم نصا سردياً ذا مرجعية لا مألوفة لهذا العالم اللا مألوف بجذوره وثقافته وخلفيته وتاريخه؟

لا بد لتقديم هذا العالم من الاقتراب من مكوناته الأساسية. ومكونات أي جماعة إناسية هم شخوصها. لذا من المهم أن يتم محورة هذه الشخوص كما شكلت في الرواية، وكما تم فهم هذه القراءة لها. شخوص "محوى زين" قسمت إلى قسمين: شخصيات لها أدوار رئيسية، وشخصيات لها أدوار هامشية؛ وإن كان واقعاً أن الهامشي هو أيضاً الرئيسي في آن واحد وبالعكس.

شخصيات رئيسية:

الشخصية المحورية:

-  الراوي: "عبد الرحمن" أو "الأمبو" كما صار متعارفاً عليه في "محوى زين".  واحد من آلاف ذوي المرجعية الرعوية أو القبائلية. لكنه ليس من الفئة التي لا تنتمي إلى أية فئة كالمزاينة أو الأخدام. أبوه أحد الآلاف الذين هاجروا إلى السعودية لتحسين مستواهم وأسرهم لكنهم لم يعودوا إلى تلك الأسر ولم يتحسن مستواها.

-  "جمالة": فتاة من المزاينة قتلت رجماً بعد إدانتها من فقهاء القرية وشيوخها، لحبلها بطفل غير شرعي، مع تجاهلهم إدانة شريكها، لأنه لا يمتُّ إلى الفئات الدنيا بصلة.

-  "الدغلو": أخت جمالة وحبيبة الأمبو، لاحقاً هربت معه إلى "محوى زين": مسكن الأخدام، وشاركته الحياة فيه.

-  "رباش العبد": أحد سكان "محوى زين"، اتهم في قضية بدعوى خيانته لصاحب العمل، لأنه أحب ابنته. قضى في السجن عشر سنوات وأطلق بعد محاكمة صورية لإصابته بالجنون، الذي لم يصبه.

-  "شمعة": أخت رباش العبد. فتاة جميلة مليئة بالحياة, يرغب فيها كل من يراها. خصها الحرتوش: فتوة المحوى بحبه؛ لكنها غير قابلة للتقييد. صاحبت الأمبو وسواه ممن في المحوى.

-  "عيشة": أحد سكان المحوى وأول من آوى الأمبو والدغلو بداخل المحوى.

-  "سرور": أخو عيشة, أحد سكان "محوى زين" المتنورين الرافضين. يعرف القراءة والكتابة. سجن بتهمة ملفقة وأطلق بضمان ابن الشيخ الذي يعمل عنده.

-  "الحرتوش": فتوة "محوى زين" وحاميهم. عاهد نفسه ألاّ يجوع واحد في "محوى زين" وهو على قيد الحياة. تعلم القراءة والكتابة.

-  "عبد الله": ابن صاحب المطعم الذي يعمل فيه الأمبو. من سكان مدينة تعز. اهتم بتاريخ الأخدام وأحب أن يتزوج بخادمة، لكنه خضع للأعراف المتداولة ولم يكن بقادر على المواجهة فاكتفى بالتعاطف الصامت.

-  "بهجة": أحد سكان "محوى زين" من النساء المتنورات, ناشطة سياسياً. اختفت بعد بحث الشرطة عنها ولم تعد إلى المحوى ولم يعرف إن كانت سجنت أم لا.

شخصيات هامشية:

-  "زين": رغم موتها إلا أنها ظلت أهزوجة المحوى بسبب جاذبيتها الجنسية للأمبو، والتي استغلتها في تحصيل مقابل إطعام سكان المحوى به. وكذا سمي المحوى باسمها لكونها كانت المعيلة.

-  "ليلى"، و"التركي": اللذان آويا الأمبو والدغلو ليلة هربهما.

-  "الدكتور": طبيب اعتاد عيادة المحوى وعلاج الأطفال فيها. أغرم بجمعة: فتاة المحوى، وعلمها التمريض ثم تزوج بها.

-  "عبده عيشة", "كاذية بنت المسفوح", و"ابن شموس": أطفال ماتوا بسبب تفشي الأمراض في المحوى وعدم وجود رعايه كافية لهم.

-  "القيرعي", و"عايش": سجينان, الأول باقٍ في السجن لعدم توفر ضمين، والثاني قضى نحبه في ساحة السجن حين أبلغ بتوقيع حكم الإعدام عليه وأطلق عليه الرصاص وهو جثة.

-  "عتوس": طفل سجين في العاشرة من عمره.

-  "زيزفون", "العرطوط", "الغرنوط", و"جمعة": رجال ونساء من سكان المحوى.

-  "العصفور", و"الزناط": من مستجدي المحوى، مهنتهما الغناء والتطبيل.

-  "فارعة" و"نهود": ابنة العصفور وزوجته.

-  الأب, الجد, والخالة "شموس": أقرباء الأمبو عبد الرحمن، يمنيون هاجروا ولم يعودوا.

 

المكان:

لكي يقرأ تاريخ اية جماعة بشرية لا بد من تحديد المكان الذي استوطنته. و"محوى زين" ما هو إلا جزء من عالم أوسع أسماه سكان المحوى "أمبو"، وهو المكان الأشمل في الرواية. "أمبو" هو مدينة تعز، المدينة الثانية في اليمن. ولا أستطيع التقرير إن كان الراوي قد اختارها عمداً لتوسطها خارطة اليمن. ومعنى الوسط احتواء كل ما يأتي من الفروع. فإن كان "محوى الزين" قد توسط في وجوده فمعناه تنوعه وتعدد اتجاهاته وثقافته ودلالته ومعناه. وبالتحديد: في مدينة عصيفرة استقام "محوى زين"، تحيط به تلة هائلة من القاذورات والأوساخ وبقايا المستنقعات. ببساطة: هي منطقة موبوءة استوطنها الأمراض والأخدام. والمكان دلالة واضحة على نوعية السكنى. "تفحصت عيوننا مكوناتها المتداخلة من مخلفات صفائح الزنك وأعواد الأشجار النحيلة, في شكل غرف صغيرة, تسندها أعمدة خشبية مهترئة في الأركان والأبواب"(11).

المنحى التاريخي:

للتاريخ في الرواية شقيان: المتخيل المروي, والتقريري المذكور في مصادر تاريخية مكتوبة.

يعرض كاتب الرواية لدقائق حياة الأخدام في "محوى زين": ممارساتهم للحياة كحياة, مأكلهم, مشربهم, أهازيجهم وأغانيهم والتي لا تفرق عن الأهازيج والأغاني المعروفة في التراث اليمني، وكذا تورياتهم المخفية، وممارساتهم الجنسية التي تطبع تاريخهم بالمطلق اللامقيد.

فـ"سرور"، أحد شخصيات الرواية، في دورانه كاشفاً عضوه الذكري، يلتقط "صورة"، لقطة مميزة من القاص تعبر بقوة عن الحتمية الفعلية المضادة للقدرية المصيرية التي يعانيها الأخدام على مدى تاريخ طويل. هي صورة ممارسة وجود فعلي متحدٍّ يبحث عن اعتراف حقيقي داخل تاريخ منسي.

يلغي "سرور" كل ما هو مستهجن ومخجل، مقراً لحقيقة واقعة، هي حقيقة وجود "الأخدام" بكينونتهم وتاريخهم، الذي يدعو "سرور" نفسه إلى كتابته بوجهه الصحيح. "يختلفون إذا كنا من أصول أفريقية أو يمنية... هل نحن من الإنس أم من الجن... خلقنا الله أم خلقنا الشيطان"(12).

"يقرؤون ما يكتبون فقط... ويبيدون تاريخ غيرهم"(13), حين يشهر "الخادم" "سيف أحمد" لا تخفى الدلالة التاريخية لذلك، فـ"أحمد يا جناه" وهو الإمام أحمد الذي حكم اليمن بطغيانه وبسيفه الشهير بيد "الوشاح" سيافه الشهير أطاح برؤوس الكثير من الثوار راسماً مرحلة تاريخية من الظلم والتفرقة الطبقية والهوان لكثير من الفئات داخل المجتمع اليمني.

و"سيف أحمد" لذكور "محوى زين" علامة وجود وفناء في آن واحد. فهو وجود من حيث رمزيته للممارسة الجنسية والإخصاب وبالتالي البقاء والتوالد والاستمرار. لكنه في الوقت نفسه السيف القاطع مجهول الاتجاه والمطعم بالموت الذي يحصد نتاج هذه العملية: "عملية الخلق، الصغار، طعم الموت وهشيم الفناء لفئة في قاع السلم الاجتماعي لا تحضى بأية رعاية: ابن شموس مات بعد ان بقي يبول دماً لمدة أسبوعين... كاذية بنت المسفوح في العشة المجاورة لعشة شموس كانت أكبر, ربما في العاشرة, ماتت بعد سعال دام لأشهر"(14).

"لم يكونوا في العشش يرهبون الموت, حين يعلمون بوفاة رجل أو امرأة بلغات الثلاثين من عمرها، أو أقل من ذلك ببضع سنوات, يعتقدون أنها كافية لعمر الخادم". هؤلاء مثل، وأكيد يوجد غيرهم ممن تزخر بهم حياة "الأخدام".

هؤلاء أنفسهم هم البشر الذين يسجلون التاريخ، لكنهم في حال مثل حال هذه الفئة ما هم إلا طمر علني لتاريخ بشري، نفي مصر لوجود وجد وأنكر.

بجانب هذا يزخر تاريخ "الأخدام" بحكايات وأساطير خارجة عن إطار المعقول، بل والمتخيل؛ كالقول إنهم يأكلون موتاهم, أو أن الدود يتناثر من بين أيديهم, وأنهم يتبادلون زوجاتهم وأطفالهم(15). أما المقولات والأمثال التي تجسد الدونية المتعارف عليها لهذه الفئة فزاخر بها تراثنا الشعبي في اليمن، ولا أظن أن أحداً منا قادر على إنكارها أو القول إنها محض خيال روائي. فعلى مدى تاريخ طويل اعتبرت "سبة" أن ينعت الفرد العادي بعبارة "خادم"، لما تحمله هذه العبارة من تحقير وتوصيف لكل الأوضاع المستنكرة والمستهجنة اجتماعياً. ولم تكن الأمثال المذكوره في الرواية بجديدة، سواء عليَّ كقارئة أم على سواي من القراء؛ ولربما لأجيال متعاقبة تداول الناس أمثالاً مثل:

"الخادم يومه عيده"، اغسل بعد الكلب واكسر بعد الخادم"، "لا إمامة لخادم" أي لا يؤم الصلاة خادم... وغيرها وغيرها من المقولات التي تكرس وتعمق دونية وتهميش وتحقير بل وسحق هذه الفئة.

كان ذلك هو تاريخ "الأخدام"، والذي أدرجته الدراسة كتصنيف متخيل عمد إليه الراوي علي المقري ليعطينا صورة عن مدى التزامن التاريخي وفكرة تحقير فئة "الأخدام" بتسلسل تراثي تعاقبي للمجتمع اليمني. وهو بإثباته لتلك الصورة أرسى جذور قاعدة ثقافية وجدت وتعاقبت وآن أوان أن توضع موضع بحث ومناقشة في قواعد أوسع وأشمل من مجرد عمل روائي أو مقالة صحفية. ليس هذا مجال لمناقشة أية كيفية مطروحة، ولكنا نحاول ولو تسليط بصيص من الضوء لطرح مثل هذه الإمكانية.

نعود لطرح الرواية للتاريخ التقريري للأخدام كما ورد في مصادر تاريخية مختلفة لم تتمكن هذه الدراسة من مراجعتها جميعها، إلا أن المتتبع لما طرح في الرواية ولما ذكر في كثير من المراجع التاريخية يجد أن تاريخ الأخدام حضي برعاية حكم الجبهة القومية في جنوب الوطن؛ إذ أدرجوا في المنظمات القاعدية وكانوا محوراً رئيسياً لبرامج محو الأمية. وكما ذكر كثير من الرواة فإن حكومة الثورة في الستينيات من القرن الماضي والتي أعقبت الثورة اليمنية 1962 وضعت ضمن برامجها توعية فئة "الأخدام" وفتح برامج محو الأمية لهم. إلا أن القلاقل السياسية التي تعرضت لها البلاد حدَّت من مثل تلك النشاطات، إن لم تكن قد ألغيت تماماً، وعادت تلك الفئة كغيرها من الفئات الدنيا إلى الوضع نفسه.

ظلت فئة "الأخدام" على فترات قصيرة محوراً للنشاطات الحزبية التقدمية في اليمن. وقد حكى أحد الرواة أنهم وعمال مصنع الغزل والنسيج في صنعاء كانوا ضمن أفراد المقاومة الشعبية التي شكلت للدفاع عن العاصمة صنعاء أثناء حرب الـ"سبعين يوماً" ضد جيش الملكية المندحرة.

إلا أن الحكومات السياسية التي تعاقبت والتي عملت على القضاء على أية نشاطات حزبية داخل اليمن حدَّت من استمرار تواجد أية برامج تقدمية لدمج الفئات الاجتماعية الدنيا ضمن برامج إنمائية قاعدية. كما أن انهيار النظام في الجنوب أعاد تلك الفئة إلى ما كانت عليه.

عرضت الرواية لكثير مما ذكر، إلاّ أن التاريخ التقريري في الرواية ابتداء بعام 1981 ثم يعود الراوي بسنينه إلى الوراء لعرض أحداث وحقائق في تاريخ اليمن أثَّرت بشكل مباشر أو غير مباشر على مجتمع الرواية.

بمحاكمة "رباش العبد" عرض لواقع اجتماعي سياسي في تاريخ اليمن فيه ابتدأت محاولة خلق تقارب في وجهات النظر بين شطري اليمن تمهيداً لتحقيق الوحدة. إبانها أصدرت قرارات "العفو عن المساجين السياسيين، سواء أدخلوا بتهم سياسية مباشرة أو بتهم جنائية ملفقة"(16).

بعد ذلك تعرض عوالم الرواية للبداية التاريخية لفئة "الأخدام" وكيف أن الرواة والمؤرخين تعددوا في آرائهم في أصول "الأخدام" التاريخية والاجتماعية. مبتدئة العرض التاريخي ببداية وعي بطل الرواية بأن هناك عالماً مغايراً لما هو موجود، هو عالم "الأخدام" اللا يقيني، حسب تعبير الروائي علي المقري نفسه... فبطل الرواية يقرأ وقائع كتبها كتاب معاصرون عن هذه الفئة، منهم أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء عبده عثمان، والمؤرخ اليمني المعروف سيف علي مقبل، وغيرهما. دراسات علمية عن هذه الفئة لكنها لم تثر أو تعر أي ذكر.

أما الأصول التاريخية القديمة فقد تعددت في اتجاهاتها كما ذكرت الرواية، فمن قائل إن "الأخدام" ذوو أصول أفريقية، ومن قائل إن أصولهم هندية، أو أنهم بقايا الاحتلال الحبشي في اليمن، أو أنهم... أو أنهم... كل ذلك لا يهم، ما يهم أنهم استوطنوا أرض اليمن، صاروا مواطنين يمنيين على مدى قرون طويلة.

ركزت الرواية على الفترة التي أحس "الأخدام" فيها بآدميتهم في عهد الرئيس "سالمين"، لذا عمت المحوى مشاعر الحزن لاغتياله، وذكرت أيامه كأنها تاريخ سحيق لآدمية "الأخدام" وتحصلهم على حقوقهم. وظل السؤال يعاد ويعاد، منهم ومنا: لم ننظر إليهم تلك النظرة؟ لم وعلى مدى طويل نطلق عليهم "أخدام"؟ هل لبشرتهم السوداء؟ حتى هذه التساؤلات تطرح في حيز المخفي الذي مهما قلنا لا نستطيع ملامسته بمبضع جراح يداوي موطن الوجع ويستأصله. قد نندفع في عواطفنا كما اندفع "الأخدام" في أملهم بمجتمع مساواة كالمجتمع الذي صنعوه مع "سالمين"؛ لكنه -كما سبق القول- الواقع المخفي المغلف بطحالب صمغية لزجة يعود ناحية عجلة التاريخ نحو السكون والفناء. وكذا كانت الخاتمة التاريخية في الرواية... أي عام؟ لم يعد التاريخ مهماً... ما يهم هو دوي الجرافات وزحفها على "محوى زين" وعلى أي محوى لهم بداخل اليمن، ليظل الإصرار على أنهم حالة يجب تنحيتها من التاريخ ووضعها في ركنه الخفي. ويكفي كما قال أحد شخصيات الرواية أن "يحنط أحد الأخدام ويحفظ"، وليفنى الباقون وليكونوا في تاريخنا كما قال سرور: "قرطاس في أرض, حفنة غبار, كومة قش". ويتابع: "أنا زبالة، البقايا، إخوتي، العلب الفارغة بيوتي. لا أنا بيتها، أنا علبة فارغة، علبة مدعوسة في طريق".

هل هذا هو تاريخهم أم تاريخنا... مسحوق مساوٍ للقاع؟ سؤال لم تستطع الرواية الرد عليه، وبالمثل هذه القراءة.

القانون:

 أعجبني وأنا في طور الإعداد لهذه القراءة أحد الشروح الموضوعة لكلمة "قانون"، إذ إن كلمة "قانون". مقتبسة من كلمة (Kanon) اليونانية والتي تعني "العصا المستقيمة"، ومجازياً فهي القاعدة التي اشتق منها فكرة الخط المستقيم الذي هو غير الخط المنحرف أو المنحني أو المنكسر. ومن هذا نستخلص أن كلمة "قانون" تستعمل كمعيار لقياس انحراف الأشخاص عن الطريق المستقيم. كان بالتحديد هذا ما عبرت عنه الرواية، وهو ما تعتبره هذه القراءة سكوناً زمنياً عند فكرة لمرحلة تاريخية معينة. فمرحلة الحضارة اليونانية، والتي وجدت فيها تمايزات طبقية حادة، أوجدت قوانين ينص معظمها على توقيع عقوبات أكثر منها على تحصيل حق أو استخلاصه. وللأسف توورثت هذه الحدود القانونية المستقيمة المنحى في كثير من الأمم، بقياس تقليد الضعيف للأقوى؛ إذ كانت الحضارة اليونانية في أوج قوتها حين تشريع تلك القوانين، لذا انتشرت عن طريق الترجمات العديدة لكثير من تراثها ومن ضمنها قوانينها. بالتأكيد تغير الكثير من قوانين المجتمع اليوناني في الفترة المعاصرة، لكن ظل ما أورثته لكثير من الأمم ساري المفعول في قوانينها. للأسف هذا ما هو حادث فعلاً. فلو أخذنا مجتمع الرواية، وهو المجتمع اليمني، لوجدنا القانون فيه هو قانون عقوبات في كثير من مواده أو ملحقاته، فقانوننا الوضعي مثلاً هو قانون منقول ومحشو بنصوص كثيرة لا أدري من أين تم اقتباسها. وكما هو في التاريخ في الرواية هو القانون. فهناك القانون التراجيدي المتخيل، كما أن هناك القانون الوضعي التقريري. تتوسط الرواية صورة متوحشة لتطبيق القانون, هي صورة "جمالة" ورأسها يتهشم من جراء الحجارة التي قذفت نحوها بحكم أجمع عليه فقهاء ومشائخ وعقال القرية، إذ "ارتكبت أكبر الكبائر زنت وقامت بأكثر من هذا: خرقت العادات والتقاليد التي لا تبيح المعاشرة مع المزينين".

وفوق هذا تردد الحشود : "الله أكبر, ألله أكبر"، وتهلل لمنظر الجسد المتهشم من جراء هذا الحكم الجائر. بجانب هذا القانون العرفي هناك إرث كامل من الأقوال والأمثال المتعارف عليها والتي تعتبر قوانين كونية لا يجب الخروج عليها, والتي لو حللت وتفحصت لأنكرها العقل الإنساني, ولكن في حال كثير من المجتمعات التي تنتشر فيها الأمية ويسودها الجهل فللأسف! إن مثل تلك الأفكار تظل سائدة بل ويؤمن بها كمعتقدات وحدود إلهية. تعرضت الرواية لكثير من تلك القوانين السائدة، والتي تعتبرها الدراسه قوانين، وإن لم تمحور بنصوص مكتوبة في حالات كثيرة، لكن القول بأنها أصبحت معتقداً يكفي. كمثل على جور مثل تلك القوانين القول: "إكرام الميت دفنه، وإكرام الزانية قتلها". ويعني هذا وجوب حد القتل للزانية. ولا أدري إن كان هناك نفس النص للزاني من الذكور, ومما لا شك فيه أن هناك موروثاً كاملاً لوجود مثل تلك الأحكام القطعية ليس هنا مجال التفحص فيها.

"إذا تزوج إنسان عادي من ابنة مزين سيتحول إلى دود"، ويقصد به ربما حكم النفي من الوسط الاجتماعي وتحقير الشخص المعني. هذه أمثال ليس إلا، وفيما عداها زخرت الرواية بصور عديدة لهيمنة قانون ساد ولم ينظر إليه إن كان صالحاً أو غير صالح. فسجن الطفل "عايش" وهو في العاشرة توقيع لقانون جائر، اغتصابه من قبل الشرطة دون أن يستطيع الشكوى توقيع لقانون جائر, اغتصاب الدغلو من قبل حرس الليل ورجال الشرطة أيضاً دون أن يستطيع أحد الشكوى قانون جائر، الموت الذي يحصد أطفال المحوى كل يوم، الجوع الذي تعانيه هذه الفئة مما يضطر أفرادها إلى التسول وامتهان المهن المهينة مما يكرس وضعهم واستمرار امتهانهم ربما لأحقاب قادمة... وبعد، فإن زحف الجرافات وتهديمها لأكثر من محوى دون أن يراعى إيجاد مكان للسكان صورة واضحة لانتهاك الحقوق وجور القانون المطبق بدعوى صالح عام.

تلك صور لما زخرت به الرواية والتي جاء اهتمام هذه القراءة بها لكونها انعكاساً مجسداً لواقع حي يعايشه مجتمعنا اليمني كل يوم، والمشكلة أنه يتكرر كل يوم دون أن نحاول مناقشته، بل نعتبره جزءاً من سواد الليل الذي يداهمنا بعد شمس صباحية حلة طبيعية لعالم طبيعي، وإن كان "أعور حازق الكبتنة" مثل القانون المتعارف هي أحكام القانون الوضعي والموضحة في الرواية.

صورة مجسدة طرحها الروائي علي المقري مستهلاً بها روايته. وجود محكمة مدنية، قاضٍ وقانون ومكان محدد ربما حمل لوحة مزخرفة في مدخله.

تغير المكان، لكنها نفسها الجماهير التي تساند الأقوى دوما، تهلل كما هللت حين رجم "جمالة" ونادت بقتلها، تهلل وتنادي بإعدام "رباش العبد"، لكن القاضي هنا تحكمه قوة أعلى منه دعته إلى تجاهل هذا النداء والتهليل، بل والإنصات للمتهم في دفاعه عن نفسه ثم الإفراج عنه. لكنه القانون الجائر نفسه لم يفرج عن "رباش العبد" لبراءته من التهم الموجهة إليه بل بسبب جنونه.

للمحكمة دعوى أخرى تخفي به جورها، هي الرحمة، ولقد رق قلب ممثل القضاء لهذا المتهم الذي سجن عقداً كاملاً بدون جريرة تذكر، ثم يتهم مجدداً بتهمة الجنون وتعتبر هذه التهمة هي حكم الرأفة الذي ارتأته المحكمة. لكن "القيرعي" والطفل "علوس" لم يجدا قاضياً يرأف بحالهما ويتهمهما بالجنون، لذا ظلا في السجن إلى وقت انتهاء الرواية.

خاتمة:

إن نجاح أية رواية أو عمل إبداعي هو الوسيلة التي تدفع الوسط أو البيئة الثقافية المتعايشة معها إلى التساؤل عن كنه الماهية المتمردة وطبيعة قدرتها على مواجهة القوى, أية قوة قد تعمل على تلاشي ما هو طبيعي تلقائي إنساني, الماهية المتمردة التي تدعو إلى خرق القانون الكوني، وممارسة الحياة بالحياة, وممارسة الموت بواسطة الموت.

حاول الراوي كما أوضحت روايته المعروضة ودلالاتها في حواراته العديدة أن يعرض لفئة تخرج على المألوف والمعاش, فئة يكمن وجودها في حريتها. ربما ومن غير أن يدري أظهر بنية متكاملة لواقع مخفي، واقع له بناه وحدوده وفلسفته, واقع تحتدم فيه معركة لصراع واع من أجل الحياة, واقع يصارع الكيفية التي يعمل بها التاريخ والقوة والقانون.

واقع يقول: لقد قتلت, لكني لم أقتل، ودليلي بقائي، جسدي هنا يعيش، يحمل السر الذي يخفي كنه حياتي ذاتها.

-  جوتانبورج 2009

 

هوامش:

قبل البدء بالهوامش المرقمة بالقراءة لا بد من الإشارة إلى أنني قد استفدت في هذه القراءة من كثير من الكتابات والانطباعات والملاحظات والحوارات التي قدمها كثير من الكتاب، وهم: علي المقري (في حوار لي معه وفي حوارات صحفية أجريت معه, ذكرت بعضها في الاقتباسات)، شادي العمر, علي سالم, محمد العباس, محمد الأصقر, نضال بشارة, نادية الكوكباني, إسماعيل الوريث, عبد الباسط مقبل, عمر قندور.

(1)   علي المقري: "طعم أسود.. رائحة سوداء", دار الساقي, الطبعة الأولى, بيروت 2008.

(2)   "الحياة"، "عدد 16750, فبراير 2009, حاوره علي سالم.

(3)   المرجع نفسه.

(4)   المرجع نفسه.

(5)   مجلة "غيمان"، العدد السابع، ربيع 2009.

(6)   www.ghaiman.net.

(7)   "غيمان"، مصدر سابق.

(8)   الرواية, ص88.

(9)   "الحياة", سابق.

(10) "غيمان"، مرجع سابق, ص 187.

(11) المصدر نفسه, الصفحة نفسها.

(12) الرواية ص83 - 84.

(13) الرواية، ص73.

(14) "الحياة", سابق.

(15) عرفات مدابش: "المهمَّشون في اليمن", "الشرق الأوسط"، العدد 10139، سبتمبر 2006.

(16) الرواية، ص 8.