العدد  السادس - شتاء 2008م

   
 

  متابعات
 

لوكليزيو، المسافر الأبدي يأخذ جائزة نوبل (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

                       جمال جبران
                         قاص ومترجم من اليمن.

 

كانت المرة الأولى التي أسمع فيها باسمه، "جون ماري غوستاف لوكليزيو"، وأنا طالب في نهاية السنة الثالثة في صفوف قسم اللغة الفرنسية، آداب جامعة صنعاء. سمعت هذا الاسم من رئيس القسم وقتها، المسيو الأنيق والرائع جون كلود دوبا. كان ذلك عندما قلت له برغبتي في أن يشرف على بحث تخرجي اللازم تقديمه والإعداد للسنة النهائية التالية بداية من الإجازة الصيفية. اختار لي ذاك الاسم الغريب. قلت بيني وبيني: هو اسم لا يصلح أبداً لكاتب رواية؛ هو اسم معقد وممتد في طوله، هو اسم يصلح لقائد في الجيش والمخابرات المركزية والأمن الخاص، في بلاد الهندوس، وخلافه من أجهزة تجهد روحها على حفظ أمن العالم من اللصوص، أمثالنا!

 قلت: هو اسم صعب، يكفيه فقط هذا الشرف الرفيع وحسبه إلى هنا، وليس له من حق أن يتمدد أكثر من ذلك ليصل إلى عندي.

قلت بيني وبيني: أين هو من أسماء لاعبي الرواية الفرنسية الكبار، وقتها؛ تلك الأسماء التي ترن في القلب حال سماعها ويود هذا الأخير حينها عناقاً أبدياً بلا فراق ممكن؟! أن نقول: فرانسواز ساغان مثلاً. صاحبة "صباح الخير أيها الحزن"؛ أن نقول: كامو، صاحب "الطاعون" و"الغريب"؛ أن نقول: أندريه مالرو، حبيبي الذي كان سبباً هاماً في تخرجي في الجامعة، عبر اشتغالي، في بحث تخرجي، على أعماله؛ أن نقول: جون جونيه، و"مذكرات لص"، كتابه البديع البديع.

أين هو من كل هذا؟! وإلى أين سيهرب باسمه المعقد الطويل هذا!؟

"جون ماري غوستاف لوكليزيو". اسم طويل ومُرّكب. اسم عصيّ على الذاكرة. تحتاج لكمبيوتر في ذهنك كيما تستطيع حفظه. تحتاج لقبيلة، بكل عُدتها وعتادها كيما يساعدوك على حمل هذا الاسم المعجزة والثمين إلى مغارة الفيد المنظم.

وعليه كان رفضي اختيار هذا الكاتب كأرضية لبحث تخرجي. وكان أن وافق مشرفي على اختياري الكاتب أندريه مالرو بدلاً منه. مالرو صاحب "الأمل"، و"الطريق الملكي"، و"الغزاة"، و"الوضع البشري" والتي كانت مبحث تخرجي. وأنا في الأساس كنت قد قرأت هذا الكاتب العملاق في اللغة العربية المترجم إليها بكثرة عن طريق دار "عويدات" الأردنية.

لكن ولحظي، لم يكن فراق صاحب ذاك الاسم الثقيل سهلاً وممكناً؛ إذ لاحقني في دروس أدب القرن العشرين الفرنسي الكان مقرراً علينا ضمن دروس السنة الرابعة، والقائل بدراسة نصوص ونماذج مختلفة من أدب هذه الفترة؛ فكان لازماً حضوره الكريم علينا.

كان لوكليزيو، أو جون ماري غوستاف لوكليزيو، مقدماً إلينا عبر مقاطع من عمله "المحضر"؛ عمل اكتشفت فيه البساطة في أعظم صورها؛ البساطة التي لا تعمل إخلالاً في عمق الفكرة المتحدث عنها. كما اكتشفت إصراره على إدخال الشعر إلى الرواية، والذهاب في هذا الصنيع لغاية اختلاط الجنسين، كيما يصيرا جنساً واحداً يصعب التفريق بينهما. والمدهش اكتشافي أنه كتب هذا العمل الممتنع وهو ما يزال في الثالثة والعشرين من عمره، أي في عمر موازٍ لعمري وأعمارنا وقتها. وفوق هذا، هو تحصل على جائزة "رونودو" الأدبية الشهيرة بسببها. بل إنه خسر جائزة "غونكور"، الأشهر في العالم بعد نوبل، بفارق صوت واحد عن روائي يدعى أرمان لانوفي عن روايته "عندما انسحب البحر"، حيث تم اعتبار لوكليزيو صغيراً من قبل اللجنة على أن يفوز بجائزة كـ"غونكور".

ومن هنا كانت بداية تعلقي بأدب وكتابة صاحب الاسم الطويل هذا. لا أقول بتعلق وثيق؛ لكنه تعلق يقول بمعرفة معقولة بهذا الأدب الكوني، والأديب المنشق والرحال الأبدي. هنا كتابة تعريفية به لمناسبة فوزه بجائزة نوبل للآداب 2008.

 

(1)

في العامين الفائتين لجائزة نوبل للآداب 2006 و2007 كان الفائزان بها على قدر كبير من استحقاقها. الأول كان التركي البديع أورهان باموق، صاحب سبع روايات استطاعت أن تصل به إلى لوائح نوبل العظيمة. أورهان صاحب "الكتاب الأسود" و"اسمي أحمر" و"القلعة البيضاء" و"اسطنبول" وأخيراً رائعته "ثلج". وهذه الأخيرة على وجه الخصوص. أورهان الذي كان نيله نوبل مترجماً إلينا وبكثرة عبر المترجم السوري عبد القادر اللي (للمناسبة هو مترجم معظم المسلسلات التركية التي بدأت في اكتساح الشاشات العربية الصغيرة). ولم يجد فوز أورهان باموق احتجاجاً أو معارضة في العالم كله، تقريباً، نظراً لمتانة الأدب الذي يقدمه برويَّة وصبر، والقيمة التي يحملها. لكن كان الغريب أن يأتي ذلك الاحتجاج من الحكومة التركية نفسها، التي لم ترحب كثيراً بفوز ابنها بالجائزة الأشهر؛ أو كان الترحيب كسولاً وعلى مضض؛ وذلك بسبب الإشكاليات الكبرى والأسئلة الشائكة التي أثارها باموق حول مسؤولية الأتراك في جرائم إبادة الأرمن، والمطالبة بالاعتراف بها؛ وهو ما دعاهم لمحاكمته، وهي المحاكمة التي ما كان لها أن تتوقف لولا تدخل كبرى الدول الغربية والتهديد بتعطيل انضمام تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي (هامش غير ضروري: تعالت أصوات أدبية عربية كسلانة، نددت بفوز أورهان باموق، ليس من باب هشاشة أدبه، ولكن من باب أحقية أدونيس بالجائزة وقد طال انتظاره على لائحة نوبل!).

فيما كان الفائز الثاني أو الفائزة الثانية البريطانية دوريس ليسنغ، صاحبة الثمانية والثمانين عاماً، وصاحبة الأعمال التي تجاوزت الخمسين عملاً. ليسنغ صاحبة "المفكرة الذهبية" و"شتاء في يوليو" و"العشب يغني" و"تحت جلدي" و"الصدع (أحدث أعمالها قبل الفوز بنوبل)" و"السير في الظلال" (مذكرات) و"الذهاب إلى المنزل" و"الريح تبعثر كلماتنا". وهي الأديبة التي ظلت في انتظار الجائزة ثلاثين عاماً. في كل عام، وفي التوقيت الموازي لإعلان اسم الفائز بالجائزة، كانت تلزم منزلها ملتصقة بجهاز الهاتف علّهم يتصلون بها. لكنهم لم يفعلوا. وعندما ملّت انتظارها البائس صرّحت للصحافة: "إنهم يكرهونني."

لكن وقبل أيام قليلة من إعلان اسم الفائز الجديد تم سؤالها ثانية عن الجائزة. قالت بسخرية: "لا فائدة من القلق في هذا الشأن... أظنهم يعتمدون نظام الكوتا، ثمة وقت للاعتراف بالأدب اليهودي الأمريكي، وآخر للاعتراف بالمصري والأفريقي والآسيوي".

وكان يبدو أنها نسيت الأمر تماماً، فكان خروجها للتسوق، يوم إعلان اسم الفائز بالجائزة، خالية الذهن من أية هموم "نوبلية". وكانت المفاجأة أن كان اسمها هو اسم الفائز.

فعندما عادت إلى منزلها وجدت جمعاً غفيراً من الصحفيين ومندوبي المحطات التلفزيونية في انتظارها. وعندما علمت بالأمر، طلبت منهم مهلة كيما تجلس على مدخل منزلها لتقول بسخريتها المعتادة: "لماذا صار المسؤولون عن نوبل يحبونني، بعد أن كانوا يكرهونني في الماضي!؟". وأضافت: "على أي حال فإنه لا يمكنهم منح الجائزة لشخص ميت، لذا أعتقد أنهم قرروا أن من الأفضل أن يمنحوها لي الآن قبل أن أرحل... وها أنذا أفوز بنوبل وأنا سعيدة، وستكون أمامي أيام حافلة بالكثير من الخطب وباقات الورود، وهذا أمر لطيف للغاية". (يمكننا هنا وضع علامة اتصال بينها وبين الفائز التالي، لوكليزيو، حيث يتصلان بنشأة كانت على أرض كثيرة وهويات متعددة. حيث كانت ولادة ليسنغ في إيران، وحياتها الأولى في زيمبابوي، وتالياً في أماكن متعددة من العالم، منها بريطانيا بلا شك. في حين كانت ولادة لوكليزيو من لأبٍ انكليزي وأم فرنسية. هاجر أجداده من منطقة بروتاني إلى جزر موريس. عاش في نيجيريا والمكسيك، وعاشر الهنود، وتزوج من سيدة مغربية.

 

(2)

نأتي الآن على موضوع حديثنا هنا: حكاية جون ماري غوستاف لوكليزيو، أو ج.م.غ لوكليزيو، اختصاراً وبحسب ما يكون مكتوباً على أغلفة أعماله.

البارحة، أعلن هوراس انغدال، السكرتير العام لجائزة نوبل للآداب، أن اسم لوكليزيو قد تسرب إلى وسائل الإعلام قبل النطق به رسمياً. وقد لاحظ ذلك أثناء تصفحه للجرائد الفرنسية، التي كثفت تناولها لاسم لوكليزيو، والإذاعات التي همي لإجراء حوارات معه. ووعد أن هذا الأمر لن يتكرر، على الرغم من أن هذا قد حدث في مرة سابقة مع تسريب اسم البرتغالي خوسيه ساراماغو.

وكان تسرب اسم لوكليزيو واضحاً بشدة عبر حديثه لراديو "فرانس انتر"، التي سأله مذيعها قبل ساعات قليلة من إعلانها وفوزه بها: "هل تتوقع فوزك بجائزة نوبل؟"، فأجاب: "إنها جائزة أدبية وكلّ كاتب يتوقع الفوز بها، فلماذا لا أفوز بها!؟".

وعليه، وبعد ساعات قليلة تم إعلان اسم الروائي والكاتب الفرنسي جون ماري غوستاف لوكليزيو فائزاً جديداً ومستحقاً للجائزة الأدبية الأشهر على وجه الكرة الأرضية.

وفي بيان اللجنة الأكاديمية للجائزة، في توضيح أساب اختيارها لهذا الكاتب المتعدد لجائزة هذا العام، قالت: "إنه صاحب المغامرة الشعرية، وكاتب النشوة الحسية، والباحث عن الإنسانية داخل الحضارة السائدة".

ولد لوكليزيو في 13 أبريل من العام 1940، في مدين نيس الفرنسية، لأب انجليزي وأم فرنسية. هاجر أجداده من منطقة بروتاني الفرنسية إلى جزر الموريس. هذا ما أكسبه وأكسب تجربته تنوعها الحضاري والإنساني الكثيف. وعليه ليس غريباً ملاحظتنا هنا انعكاس هذا التنوع في كافة نتاجاته التي تنوعت بين الرواية والقصة القصيرة والمقالة الصحفية والتحقيق الصحفي، كما والدراسة الأكاديمية حيث حاز على درجة الدكتوراه عبر بحثه في نتاج الشاعر هنري ميشو. ولهذا السبب تمت تسميته بالعديد من الألقاب، منها "الكاتب الرحالة" و"المسافر الأبدي" و"الهندي في المدينة" و"المنشق" و"الأحادي المدهش". عاش في نيجيريا فترة من الزمن. وتزوج من سيدة مغربية. ويعيش الآن متنقلاً بين فرنسا والمكسيك ومناطق أخرى.

درس الأدب وعمل في جامعة بريستول. غادر إلى المكسيك، ومنها إلى بنما، حيث خالط الهنود الأميركيين. وقد تأثر بهذه التجربة لدرجة أنها "غـيَّرتْ حياتي رأساً على عقب، وبدلت أفكاري عن العالم الفني، كذلك في طريقتي التعامل مع الآخرين، في طريقة تناولي للطعام، وفي طريقة سيري وطريقة منامي، كما علمتني كيف أحب؛ وحتى أنها بدَّلتْ أحلامي".

عندما أصدر عمله الأول "المحضر"، وكان في الثالثة والعشرين من عمره، حاز بواسطتها على واحدة من أهم الجوائز الأدبية في فرنسا، وهي الـ"رونودو".

في العام 1978 كتب في "الغريب على الأرض"، بنبرة شعرية لم يكن مسموحاً بها في تلك الحقبة، وفي هذا يؤكد: "أكتب من أجل جمال العالم ونقاوة اللغة... أريد أن أكتب من أجل أن أكون قريباً من الحيوانات والأطفال، قريباً من أولئك الذين يريدون العالم كما هو عليه، ويعرفون جيداً كل الجمال الذي فيه" ("اللوموند" 10/10/2008، الموقع الالكتروني للصحيفة).

وعلى هذا كانت رحلات لوكليزيو، ولم تكن "استشراقاً" بالمعنى السيئ للمفردة والمفهوم الشائع لها. لقد كانت أشبه ما تكون بإعادة اعتبار لكل تلك الشعوب المقهورة والتي تسير في طريق الإبادة؛ الشعوب المقهورة على أمرها والمغيبة أو التي يتم تغييبها عن عمد، "ولا بد الآن من إعادة الاعتبار لثقافتها وحضارتها؛ فهناك ضرورة ملحة لسماع الأصوات الأخرى، ضرورة للإنصات إلى أصوات لا نسمح لها أن تصل إلينا؛ هي أصوات ناس وشعوب لا نسمعهم، لأننا نستهين بهم منذ وقت طويل، أو لأنهم أقلية، ولكن هذا لا يمنع أن لديهم الكثير من الأشياء التي يمكننا التعلم منها".

وفي هذا يقول إنه ومن خلال ارتباطه بالهنود تبدلت الصورة التي كانت في مخيلته عن الزمن. قبل ذلك كان مذعوراً ومرعوباً من كثير أشياء لم تعد ترعبه الآن، مثل الخوف من الموت، والخوف من المرض، والقلق مما سوف يأتي. "كل هذا لم يعد يرعبني الآن. كانت الحروب المجانية والعبثية التي عشناها ومررنا بها ترعبني. وكان خوفي على أطفالي يرعبني منها، ومن المرض ومن الموت؛ وهذا يحتم علينا مسؤولية كبيرة من أجل تأمين مستقبل جيد لأولادنا. وإذا كان عيشنا كما يعيش الهنود الأميركيون أو مثل سكان الصحراء، فلن نكون بحاجة لمواجهة كل هذا العدد الكبير من الكوارث. أنا لا أطلب الكمال. ولكنها محاولة في سبيل أن نقول إننا لم نهدر حياتنا بسهولة ومجانية" ("الليبراسيون"، العدد 10/10/2008، الموقع الالكتروني للصحيفة).

 

(3)

ومن هنا، من السفر الدائم والطويل الذي فعله لوكليزيو، كانت له فرصة الاشتغال على البشري باعتباره كائناً غير مستقر في مساحة محددة. والسفر هنا بما هو نجاة من التقوقع بداخل هوية قاتلة واحدة؛ الانفتاح على ثقافات مغايرة قد نجد فيها ما يمكن التعلم منه والاستفادة منه. وقد يبدو هذا التنقل واضحاً ما بين كتابه "الصحراء" وكتبه الأخرى التي تدور "حواديتها" في البحر، أو الكتب المنتمية لسلسلة "شعوب الماء"؛ حيث الدخول في دائرة متماسكة ومتواصلة بما يسمح بالاقتراب أكثر وأكثر من أشد المناخات تناقضاً. حياة البحر هنا التي تتيح النهوض باكراً والدخول في عمق البحر والنظر إلى الفضاء المفتوح واللامتناهي، غير المحدد بأفق مغلق لا يسمح لك بأن تنظر للكون وللآخر بحرية.

وعكسُ هذا في الصحراء، وما تتيحه لك عواملها المعيشية وظروفها وناسها وفائدة الاختلاط والاندماج معهم. "لكن هذا لا يعني أن تتحدد التسمية (بين كائن مائي وكائن صحراوي) ولكن يمكننا مناداته بكائن مغاير، من هذا وذاك".

والغريب أن لوكليزيو يبدي غضباً شديداً حيال تسميته بالألقاب المطلقة عليه، كـ"المغامر"، "الكاتب المقتحم"، "الرحالة"، "عاشق الشتات"... وهذا لأنها، حسب قوله، ألقاب تعمل على ترقيمه وتأطيره. كما أنه يعتقد أن مفهوم المغامرة لم يعد حاضراً في الوقت الحاضر. كما أنه يتنقل من مكان إلى آخر ولا يغامر. "أحب أن أصل إلى تقاطع لا أعرفه، والاستماع إلى لغة لا أفهمها، والالتقاء بأناس لا أعرفهم وألتقي بهم للمرة الأولى".

وقد جاء عشق الترحال والتنقل هذا مأخوذاً بأجداده؛ وهو المنحدر من عائلة لم تتعلق أبداً بمكان محدد ما. وكان هذا لأسباب اقتصادية في الغالب؛ فوالده، على سبيل المثال، اختار الانخراط في الجيش كيما يتعلم مهنة الطب. لقد كان طبيباً مجنداً. عندما لم يكن لديهم المال اللازم لتشغيل أمور حياتهم كانوا يفعلون ما بوسعهم للانتقال إلى مناطق أخرى من العالم يمكنهم فيها حصولهم عليه.

 

(4)

في المؤتمر الصحفي الذي عُمل له بدار "غاليمار" للنشر، الدار المحتكرة لنتاجه الأدبي، وذلك بعد إعلان فوزه بجائزة نوبل للآداب، دخل على الصحفيين في الصالة وقال لهم بداية: "لديَّ إشكالية عميقة مع الضجيج الذي تحدثه آلات التصوير (طلب مؤدب كيما يطفئوا فلاشات كاميراتهم)، لكن لا مشكلة عندي مع الصورة". بعد ذلك أخبرهم عن فوزه قائلاً: "هي ضربة جديدة ومدهشة لم أكن مستعداً لها".

وبحسب تقرير جريدة "الفيغارو" (19/9/2008، الموقع الالكتروني للصحيفة)، "كان صوته واضحاً ومركزاً". وقال: "يجب الاستمرار في قراءة الروايات؛ إنها أفضل طريقة لمساءلة العالم الحاضر، بدون امتلاك أية إجابات جاهزة، والتي بالضرورة ستكون متباينة". وأضاف: "الروائي ليس فيلسوفاً، وليس تقني لغة؛ إنه شخص يكتب ويقول أسئلته".

وفي النهاية نبه لوكليزيو الحاضرين إلى أنه عائد لتوه من كوريا وذاهب في بحر أسبوع إلى كندا، وردد عبارته الشهيرة والأثيرة: "إذا لم أسافر، لا أكتب".

وعند سؤاله حول أهمية أن يكون الكاتب ملتزماً كيما يفوز بجائزة نوبل للآداب، قال: "يجب أن نعلم أولاً وبدقة معنى هذه المفردة (التزام). بالنسبة لي تضايقني أشياء كثيرة: الظلم والعنف...".