نصوص
الغصن ()
طاهر الجلوب
1. الغصن
والقبر
والغصنُ
يُدفنُ
لا يظنُّ الحفرة السوداءَ
قبراً ضيقاً
ويخَالُها رَحِمَاً...
فَيُولد مرةً أخرى
ويخرج... أخضراً
غَدِقاً..
لِيُزْهرَ
لا يخاف النارَ
يرقص
لا يخاف تساقط الأوراقِ
لا يَعْنيهِ ماذا يُضْمِرُ الحطَّابُ
للأغصان
والعطًّارُ
للأزْهَارِ
رغمَ ترقب الأخطار
يخرج هادئاً
مستبشراً
مِرِحاً
طروباً
رافضاً لسلامة الأقدار
تحت الأرض
بين تزاحم الأضداد
والموتى
فيصحب موته معهُ
ويخرج ضاحكاً
ويطول كي يتجاوز الأحياء
بعد تجاوز الموتى.
2- الغصنُ والظلام
والغصنُ تحت الأرضِ
يبحثُ عن مَمَرٍّ
لا يَرَى الأشياء مظلمةً
فيبقى… حائراً
يمضي يلامسها
فتكشف عن خباياها
وتسرجُ خِدْرَها
فَيُقِيْم منشياً
وحين يمرُّ
يكتُم
سِرَّهَا.
3- الغصنُ والحجر
والغصنُ ينبتُ…
لا يرى الأحجارَ عالقةً
فيمكث تحتها
يعلو بلا قلقٍ
يُفَتِّتُها
فلا يخشى التمرغَ
بالترابِ
ولا اكتضاضَ جذورهِ
فمسافة أخرى ستمنحهُ
الطهارةَ
والرشاقة
لاحقاً.
4- الغصنُ والسماء
والغصنُ يبحثُ
عن طريقٍ
للعروجِ
إلى السماءِ
وللتحرُّر من إقامتهِ
مع الإنسانِ
في حُفَرٍ
يُخاطرُ
لا يرى الأغصان سابحةً
فَيَتْبعها
يُحَلِّقُ وَحْدهُ
يَهويْ
يَميلُ إلى...
فيوشك أن...
لِيدرك أنّهُ
فيعُود
يَصْعَدُ
ثم يتعبُ… يَنْحَنيْ
ويطولُ مُعْوجَّاً
فلا ينسى
بأن يَمتَدّ
ثانيةً
ليصعدَ
مُسْتقيماً
حين يُجهَدُ
يرتَخيْ
ويَميلُ
حتَّى
يَغُوصُ
في نفقٍ ترابيّ
لتُمطِرَ…
ثُمَّ يُبْعَثُ مَرَّةً أُخرى.
5- الغصنُ… والماء
الماءُ في تقديرهِ… حُبٌّ
ونسقي الحرثَ
كي تتلاقحَ الأزهارُ
والأشجارُ
تُمْطِرُ كُلَّما جفَّتْ مياه الأرضِ
كي تجد الجميلةُ ورْدَهَا
وأريْجَهَا.
* * *
يتقابل الأحبابُ
في البستان
والعشَّاقُ
في الشطآن
والقطعانُ
في الوديانِ
قرب الحوضِ
رغم تباعد المرعى.
* * *
وكي تجد العذارى
ما يبرِّرُ حُبَّها
للنبعِ
ثمَّ
ما يُيَرِّرُ مَلأَه
لجرارها.
6-الغصنُ.. والحب
الحبُّ في تقديرهِ ماءٌ
ويلتقي الحبيبانِ
على عَجلٍ
لِخَلْط الماءِ
كي تتفجَّر الدنيا ينابيعاً
فَتُبعَثُ…وردةٌ
محمرَّةٌ
خجلاً
لِخَلْط
الماءِ
ثانيةً.
7- الغصنُ والعشقُ
والغصنُ يعشقُ
لا يرى خِلّاً
يَغارُ على حبيبتهِ
فيبعد عنهما
يتوسطُ الإثنينِ
يَعرفُ كيف يُصبح ثالثاً
في الحُبِّ
بل ماذا عليهِ
تجاه محبوبينِ
كي يتعانقا.
يتوسّطُ الإثنينِ
يدخُلُ رغبةً في الماءِ
بين توهّجِ النارينِ
ثمـّة بؤرةٌ
مسعورةٌ بتوحُّدِ الأضدادِ
يَعْرِفُها
فينبتُ بين
ضدَّينِ
سيلتقيانِ في
شوقٍ
ليحترقا...
ويشربُ بين
محترقينِ.
يَعرفُ ساعة السُّقيَا
ويعرفُ كيف يبقى
بَارِدَاً
وقت اضطرام
النارِ
بينهما.
8- الغصنُ والكون
الكونُ في تقديرهِ ماءٌ
يُغَيِّرُ من تشكُّلهِ
ومن أسمائهِ
تلكَ البحيرةُ
غَيمةٌ في الأرضِ
ذاك البحرُ
غَيْمٌ في السماءِ
وأنتَ بينهما الحياةُ
فلا
تَكُنْ
جسماً
غريباً!
كُنْ
صديقاً ناعماً
نهراً
يُسافر
حاملاً
سُحُباً
إلى
مَنْفاهْ!
|