العدد الثالث - خريف 2007م

   
 

نصوص
 

للفراشات مساراتها الصامتة (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

                                                         محمد العديني

 

ها أنذا أضع مسودةً لأيامي الطاعنة في أحزانها، محاولاً الإمساك بظلالها الهاربة والهجس بها.

أعْبُرُ –الآن- أطراف العالم، تلتمع الضحكات المبعثرة في خابيته كالخناجر. أحاول جمع شتات ذاكرة شجرية، واللحاق بأقلام فارّة من تاريخها.

لا شيء يصحو في هذه المدائن اللدنة غير فراشاتي الملتاعة، حين تقودني خطواتها الرشيقة لينابيع الضوء.

فراشة واحدة تكفي لزلزلة قلب الغريب، تكفي لشمس أكثر سطوعاً ومباغتة: تومئ للنهر فيشهق، للغصن فيتأود، للحجر فيحلم، للغيم فيهمي... تومئ لي فأضيء وأتحوّل،

أغمس قلبي في عينيها فيفيض العالم عسلاً مختلفاً ألوانه.

لكني حين يفيض كثيراً أخشاه.

أخشى اكتمال القمر قبل نضوج النهر.

أخشى الأبدي في مملكة بشرية.

أخشى النهايات السريعة والطرقات الواضحة.

فكل بدايةٍ حديقة، شرفة، فتح.

وكل نهاية معتقل، مصيدة، خديعة.

وللفراشات مساراتها الصامتة.