العدد الثالث - خريف 2007م

   
 

نصوص
 

                                     سونيتات صيفية (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

عبد العزيز المقالح

             - 1 -

 تحملني رائحةُ الصيف

 إلى مدنٍ نائمةٍ في القلب

 وشطآنٍ تستلقي

 في الروح

 وتجتاز بي الذكرى

 أصقاعاً وصروحاً

 باذخةً

 تتألق في لغةِ

 الأحلامْ.

  

             - 2 -

 لا وردَ في الصيف

يا صاحبي!

بيدَ أن الفتاةَ التي كنتُ

أحببتُها

خبأتْ وردتين على شفتيها

وفي الكأس –في غفلة-

خبأتْ وردتين وقالت: على مهلها

سوف يغمرها الصيف بالدفء

أيام تلفحنا في العشيات أنفاسه اللاهثة!

 

             - 3 -

الساعةُ منتصفَ الليل

وما زالَ على الشرفةِ

شيءٌ من شمسِ نهارٍ لم تغربْ

ها هوَ ذا يتسلق كاللبلاب

جدار الأرض

ويترك فوقَ نوافذِنا

آثاراً من ثوبٍ نسجته الشمس

على شاطئ بحرٍ

مجهولْ!

 

             - 4 -

لا أحبُّ الكتابةَ في الصيف

يأخذني في النهار الهباءُ المراوغ

عند الظهيرة بعضُ النعاس

وفي الليل تأخذني زرقةُ السحُبِ

الهائمات بمرمرهِ

بيد أني أحبُّ الكتابَ

ينام معي، وأنامُ على صدره

ويشاركني الصمتَ حيناً

وحيناً أشاركه لعبةً من لذاذات عصر الندامى

معبّأةً بالغوايةْ.

 

             - 5 -

الساعةُ منتصفَ الليل

وأطفالُ الحي

يجوبون الحاراتِ خفافاً

نصفَ عراة،

يلهون،

            يغنّون

وطفلٌ يَعزفُ بأصابعِ كفيهِ

نشيداً مبحوحَ الكلمات

ومبتل الأرغول!

 

             - 6 -

وفي الصيفِ يتجهُ القلبُ

للبحر

يخلعُ أثوابَهُ

وبقايا الشجون القديمة

يهوى المرايا

ويحلم أن زماناً جديداً يقيم هناك

وراء ازرقاقِ السحاب

وناراً على البعدِ خضراء

تبحث في الماء عن شعراء،

وعن حالمين.

 

             - 7 -

عند البحرِ

أرى بحراً آخرَ

وأرى خلف الأمواج قصوراً باذخةً

ورجالاً من شمعٍ

ونساءً من ياقوتْ

أرى أفراساً بيضاءَ الشَّعْر

وشمساً ونجوماً

تشرقُ في منتصف

الليل!

 

             - 8 -

العصافيرُ في الصيف

تبطئ في نومها

تتأخر عن لحظات الشروق

ولكنها في المساء

تطيل المقام

تغني،

تداعب آخر ظلٍّ

على الأفق

آخر ضوءٍ على شجر الياسمين.

 

             - 9 -

كم حطبٍ يحتاج الصيفُ

إلى أن يسخنَ

والأرض إلى أنْ تتدفأَ

بعد شتاءٍ قاسٍ؟

كم يحتاج الشاعرُ

من وقتٍ وكتابٍ

من شجرٍ يقرؤه

كي يتلاقى بالصدفة

مع لون قصيدته الأولى؟!

 

 

             - 10 -

الطريق إلى البحر أخضر

والبحر أخضر

والماء مثل جدار الحديقة

أخضر.

كيف أدلُّ القصيدة

حين تجيءُ بلا موعدٍ

كي تراني؟

وكيف أدلُّ الحروفَ

وقد نفشت ريشها

عن مكاني؟!

 

             - 11 -

البحر هو البحر

وما في الصيف سوى الأشجان!

أتَذكرُ كم بحرٍ حاولتُ حراثتَهُ؟

كم صيفٍ أغمضتُ القلبَ

على أصدافِ غوايته؟

أسمعُ صلصالَ شواطئ تدعوك

إلى حفلةِ عرسٍ

بين الملحِ وبين الرمل

وبين الماء!

 

             - 12 -

في الاسكندرية

ذات زمانٍ جميلٍ

وقفتُ على حافةِ الصيف

أشهد من شرفةِ البحر

وجهَ الغروب

وقد زينتهُ المآذن والناس

واحتشدتْ عند آخر أفقٍ

طيوفٌ من اللوحات

وبحرٌ من الدهشةِ العاصفة!