نصوص
الفوضى
الخلاقة ()
شهاب غانم
شاعر ومترجم من اليمن مقيم في الإمارات
هذا المهووس العاتي
أمسك في قبضته اليسرى
زمارة عنق فراتِ
وبقبضته الأخرى
أمسك دجلة... أمّ
الخيراتِ
فرعان يشدهما قسرا
حتى انفلقا
وانكسرا...
كان الشريانان عراقا
فغدا العرقان عروقا
وعراقاتِ!
تحت الضرباتِ...
* * *
حتى السمك "المسجوف"
بدجلة
حرمت الفتوى أكلهْ
إذ يتغذى من جثث
الشعب المنحلة!!
* * *
ما عادت دجلة خيرِ
ليصوغ لها الجوهرجي
عقداً من شِعرِ...
ما عدنا نسمع "عبد
الوهاب" يغني خلف النهرِ
عن أشرعة تجري...
ما عدنا نسمع "ناظم"
يشدو في فخرِ
ببياضِ الشَعْرِ...
ما عدنا نسمع "سياباً"
ينشد للمطرِ...
ما عدنا نسمع إلا
فرقعة السوق المنفجرِ
ما عدنا نشهد إلا
أجساداً محترقة
مذ جاء رعاة البقرِ
وبرفقة كل جنودهم
الأمجاد
عشرين ومائة ألف من
مرتزقة
وألوف زبانية الموساد
ألوفاً من أوغاد
أسوأ من هولاكو ..
وجميع التترِ.
* * *
قالوا من أجل سلاح
دمار شاملْ!
فضحكنا بمرارة
وبكينا بغزارة...
إن كان المتحدث
مجنوناً فالسامع عاقلْ.
* * *
قالوا: من أجل
الديمقراطية!
فضحكنا بشفاة
ملوية...
قالوا: سيصير عراقاً
كاليابانِ
وبلاد الألمانِ
بعد الحرب الكونية
فتبسمنا للأحلام
الوردية!
* * *
قالوا: من أجل إعادة
إعمار عراقْ!
فضحكنا وبكينا من
أعماق الأعماقْ.
* * *
قالوا: إيقافاً
للتعذيب!
قلنا: أحسنتم...
أحسنتم!
لكن ماذا ندعو
غونتينامو أو سجن غريب؟!
* * *
قالوا: منعاً لمقابر
للدكتاتور جماعية!
درءا للحرب الأهلية!
قلنا: أحسنتم و"برافو"!
لكن ماذا ندعو ما
نشهد صبح عشية؟!
ماذا ندعو ما يقرب من
مليون قتيلْ
ومئات ألوف قد جرحوا
وألوف ألوف قد نزحوا
عن أرض ملئت
بترولاً... ومياهاً... ونخيلْ!
* * *
قالوا ما قالوا من
قول
لكن ما قالوا من أجل
البترول!
أو أجل عيون عشيقتهم
إسرائيل!
* * *
الشرق الأوسطْ
في دمه يتخبطْ
في كل مكانْ
في غزة... في
الضفة... في لبنانْ
في صعدة... في
مقديشو... في السودانْ
في بغدادْ
في شتى بلدان الضادْ
في أفغانستانْ...
ووزيرستانْ...
وباكستانْ...
في مختلف بلاد
القرآنْ
وغَداً، أترى يأتي
الدور على إيرانْ؟
* * *
الشرق الأوسطْ
يتخبطْ
دوماً... دوماً
يتخبطْ
منذ زمانْ
نعرف... نعرف مَن
خطَّطْ
ويخطط للفوضى
الخلاقة!!
لكن من ساعد في غرز
المخْيَطْ
واغتال بمخلب ذاك
الوحش عراقهْ
فغدا أشلاء تتخبطْ
ودماء دفاقة...
* * *
الشرق الأوسطْ
في دمه يتخبطْ
ويحيط به الثعبان
الأرقطْ
لا بد له كي يتصهين
أن يتمرمطْ.
هل يصحو يوماً ما
ماردنا المحبطْ؟
أم يبقى أبد الدهر
كعفريت في جوف القمقمْ
لا يتحرر من سجن
معتمْ
أبداً... أبداً لا
يتعلمْ
أبداً أبداً لا
يتقدمْ
لا ينظر... لا
يسمع... لا يتكلمْ
أعمى...
أطرش...
أبكمْ...!؟
|