العدد السادس - شتاء 2008م

   
 

نصوص
 

نصوص (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

إكرام عبدي
 
شاعرة من المغرب

                        

      كازابلانكا

لا شيء سوى أجساد ثلج عائمة

وفقاعات تحايا باردة

تتمايل فوق بحر من الصخب والضجر

لكنك تمضي

تتلمس وجهها المتعب

وقد انتفت ملامحه

 

تنوس خصلات شمسها المعلبة

تجوس شوارعها النازفة

بخطوات من صقيع

بملامح ثكلى

بربطة عنق أشبه بالمشنقة

بمناف موحشة

 

تحفر في جبينك أخاديد البعاد

توقظ في دخيلتك شهوة العناق

لكنك تمضي...

 

تفكر في موتك المسجى على رصيف ما

تسأل عن لون كفنك

عن شكل جنازتك

عمن سيمضي فيها

ويقرأ الأدعية

وكل الأيادي متضرعة لسقف الحافلة

لكنك تمضي

 

تود لو تلفظ هذه الضجة الواهنة

تجلس في مقهاك الأثيري كازابلانكا

غيوم قهوتك الحزينة

تتكاثف في سماء جريدة

معلقة بين يديك المرتعشتين

تمطر دما

خرابا

قذائف

 

      صور على الجدران

اغتسلت من ألوان الطيف

تحدق بحسرة في غربة وجهك

تضجر من اليومي المتربص بك

لكنك تمضي

 

وعلى سلالم الزمن المهشمة

تصعد

لتسكن مدن غربتك المعلقة

وتتوسد تربة باردة.

 

      جيد النهار

هذه الليلة لا تظهر لي النجوم

كعادتها

ربما نسيها الليل

في جيد النهار.

 

      جسر

سأقيم طويلا في هذا الليل

المختلط بأنفاسك.

سأوهم نفسي والآخرين

بأن الجسر المؤدي إلى النهار

مهدد بالسقوط

في أي وقت.

 

      ليل أعمى

سأحتفي اليوم بهذا الليل الأعمى

سأشرب نخبه

سأنفث على سحنته بعضا من دخاني

سأتلو عليه بعضا من قصائدي

وعندما أفرغ

سأقوده سليما معافى

إلى تخوم النهار.

 

      قسوة

قاس هذا النهار

يضيء كل الأفضية

ويرفض أن يضيء

ليلي المعتم

المقيم في تخوم الألم،

يضيء كل الظاهر

ويعجز أن يضيء أغواري

المنفية في سراديب الصمت.