العدد السادس - شتاء 2008م

   
 

نصوص
 

سفيرة فوق العادة (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

مهداة إلى روح الشاعرة أطوار بهجت                               

 

أسامة محمد الزقزوق
 شاعر من مصر

        -1-

كانت

ترف

تبسم

 في سماء بغداد

 كقمرية تتوضأ في  محراب رابعة

 وتهيئ حقول قلبها النديّ

 لمواسم البذار

وتتدلى كرمة أحلامها

طموحاتها

من ربوة أقمار نخيلها

وتعبُّ من ثغر أنهارها

الفردوسية

والبابلية

رضابها الشهي

كي تصنع ثمار اللوز والسنديان

من عجينة صلصالها

وكي تباغت قلب القصيدة

بوجيب قلبها التواق

الرقراق

الشفاف

والمتشوف للعشق

في حضن الشروق

وكي تكون للكون المعبأ

مساماته

خلاياه

برحيق الصمت

والقهر

والسفور

والوجوم

امرأة

وأميرة

وسفيرة فوق العادة

وأنثى من حطام الطهر

تخلقت

وباحت بسر أسرار القديسين

لكي يطل وجهها النوراني

من شرفات الفستق واللوز

حاملاً فوق سفن أهدابها

وعلى متن زورق

عينيها النجلاوين

ذاكرةً تصطلي

تتئد

تسقط، تخور

تتأجج

تتلوى

من فظاظة

وفظاعة

المشهد الدموي

العراقي المتكرر.

 

        -2-

هكذا

أردتِ

أنتِ

أو أرادت لكِ صباحاتك الندية

والفلّ

المطرز

بهسيس أنداء أحلامك

ووشم عقيق نجومك

بأن تكوني أنت

الوجه الأجمل

والعشب الأخضر

لفواتنا

ولصحراواتنا

الممتدة

عبر سراديب مدائن نفي قلوبنا

وتحت مسامات جلودنا العطشى

حين كنت تلملمين

بأصابع راحتيك البضتين

وفي براح قلب قصيدك

عشب التصحر

سنابل أيامنا العجاف

ونشيد موتنا المؤجل.

 

        -3-

هكذا

أراد لكِ

مساؤكِ الأخير

 عشاؤك الأخير

بأن يكون مشهد

اغتيالك

خروجك

جمرةً

في عيون أعدائك

ودمعة

في قلوب

ومآقي محبّيك.

 

        -4-

حينما

كان ضوؤكِ السرمدي

والمسكون بأهازيج عَبَّاد شمسك

والمتيّم بصخب

براح قلبك النقي

يهيئ لاستقبالك

استقبال مريديك

واحتضان هديل قصيدتك الجديدة

كنتِ أنتِ تدخلين إلى لحدك الأخير

بجسد مفتت

ممزق

وممهورة

حناياه

خلاياه

بأختام شظايا النيويون

واللحى المفخخة

وحبر التقارير السرية

ورصاصات يهوذا.

 

         -5-

هكذا

أردتِ أنتِ

أو أراد لكِ قدرك

أو أرادت لكِ عدسات رفاقك المصورين

والمراسلين

والباعة الجائلين

والعازفين لحن الموت

قداس الحياة

والرافلين في عباءات الصمت/ المقت

والمعذبين في سجن "أبو غريب"

بأن يكون مشهد اغتيالك

خروجك

تخثر دمائك

تناثر أعضائك

وجهاً آخر لمرآة قمرهم المخنوق

وظلاً آخر لحزن القصيدة.