العدد السابع - ربيع 2009م

   
 

نصوص
 

طبعاً.. وإلى الأبد (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

سلمان داود محمد
شاعر من العراق

مثل أب لطفلين

أقبّل الخارطة من جهة الشمال

وأفلّي النخلة من دبيب الشظايا

أحترم الله وقصيدة النثر وأنتِ

وأعرف أن الطريق المؤدي إليكِ

قنبلة تغصُّ بالأحلام حين تأكل السقوف…

 

لم يبق مني… سوى علاكِ

أتسلّق ظلك المستنير

صائحاً من ذروة في منارة:

الـ "آه" أكبر

الـ "آه" أكبر

الـ "آه" أكبر مما تدركه رزم الإغاثات..

 

لا إرث لي غير "حديقة الأمة"([i])

وصغار مقذوفين من شرفة "اليونيسيف"…

 

أنت سمائي التي… يا إلهي!

لم أستطع التذمر من ليلها

مخافة أن أثلم الهلال

ولا من عادتي -كما تعرفين-

الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..

 

أتَزَمَّتُ للتراب

محتكماً لمراسيم ثكلى تَوَّجَها الطين..

ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود؟!

لأن الحروب -عليها السلام- لا ترد السلام…

 

لذا إنصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب

كما إنصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب

ستعرفين عند ذاك

كم كنت مشتبكاً مع الطريق

أستوقفُ العابرين إلى الربايا

إلى الوظيفة

إلى الجريدة

إلى حبيب

كآخر طفل في أول اليأس، أو هكذا:

مدججاً بألوان تُرَتِّلُ وفرشاة تصيح:

انتبه يا صاح مرة!

رقصة الفرشاة تسعى في خشوع.

لحذاء تكشف الألوان سحره.

 فتعاني من تخطيه الشموع..

 

لن أموت

فلا تقلقي

ما زال في "الحصة"([ii]) شيء يمُطُّ الحياة إلى ساعتين

فانتبهي لأراك!

 

قد أصطاد رؤوس الفجل بربطة عنق..

قد أضحك من صلة الغباء السمين بالياسمين

قد أعري كتبي في وضح النقود

قد أنفق اصفرار الوجوه على المرايا..

قد أتوب عن مزاولة المطر، رأفة بقميص وحيد..

قد أفرك الضمائر بالقنافذ وأطلق البالونات..

قد أتجنب الليل بفانوس سيباع..

قد أسهو قليلاً عن وسامتي ليفهمني الرصيف..

قد أتسلسل "أولاً" في بلاط الضحايا وأغيب عن البيت

لكني بريء من فردوس يلمع في مدفن الغرباء

وآمين لأصدقائي المشتعلين هناك

في

العامرية([iii]).


 

([i]) حديقة الأمة: حديقة شهيرة في ميدان التحرير ببغداد.

([ii]) الحصة: هي المواد التي توزع للناس أخر الشهر.

([iii]) العامرية: الحي الذي تعرض أحد ملاجئه لمجزرة خلال الخليج عام 1991، ومات داخله مئات المدنيين بضربة جوية أمريكية.