العدد السابع - ربيع 2009م

   
 

نصوص
 

ميلاد شاعر... (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

إلى جلال الأحمدي... قبل أن يصبح شاعراً... وبعد أن يصير رماداً...

جــلال الأحمدي
شاعر من اليمن

جئت قبل أن يكون البحر
قبل أن تحلب الريح عرق المسافة
قبل أن تجد الخطيئة ظهر أحدهم
وقبل الموت الهائم على حزنه في شوارع بابل.

جئت نبياً صغيرا
كان يكتب الشعر بالليل
ويكتبه الله بالنهار.

صنعت من التراب شجراً يأكل الشمس
قلت لهم: هذا موسم الحب
هذي الأرض لي
هذا الملح المخبأ في عيونكم أنا
فاغتابوا ظلي الطيب.
قلت لهم: عودوا إلى النبيذ!
فقطفوا قلبي وجعلوا مكانه رصاصة.

خرجت من الحجارة
عشبة زرقاء
توزع القمر على الفقراء
تؤثث ضحكة للفراغ
عصرت الناي
حتى خرج شيطان الوجع
علَّمْته كيف يرتدي جوارب أخيه ويرقص
بعد أن يبكي عليه.

جئت عندما كان الغيم قديسا
يجلس على الماء عاريا
وينسج قصيدته عاشقين... وعصفوراً
حين كان النهر يتفقد النار بأصابعه
فتشهق عانس في السماء.

جئت وكان الظلام يزورنا مرة بالليل
ومرة في عيون أبي
كانت أمي فراشة بجناحين تسكنهما الملائكة
وكلما نظرت للفنجان
وجدت صديقي يخترق بكارة الطين
يعلم غرابا كيف يغرس ذنوبه.

تماما جئت مع الخطوة الأولى للجرح
في صقيع النازحين
لفظتني أمي الكلمات
قالت لي:
كن أنت
كن حزينا!

حزينا...!