العدد السابع - ربيع 2009م

   
 

نصوص
 

صباح القهوة (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

عبد العزيز المقالح

-1-

هل شَجرُ القهوةِ

في قريتِنا

لا يخشى البردَ

ولا يبحث عن أوراقٍ دافئةٍ

حين يجيءُ الليل؟

سألتُ الفلاح:

لماذا شجر القهوةِ

في قريتنا

لا يخشى البرد؟

أجاب:

لأن القهوةَ ساخنةٌ

تتصاعد من فنجانِ الأرض

بخاراً شفّافاً

يغمرنا بالدفء

ويرسم في دمنا

شجراً مسكوناً

بالنشوةِ والدهشه!

 

-2-

شَجرُ القهوةِ

لا يُثْمر في الصيف

ولا تتدلى عبر الأسوار

عناقيدُ خصوبته

إلاَّ في زمن البرد

سألت الفلاح:

وهل قريتنا

لا تخشى البرد كما شجر القهوة؟

أطرق،

ومضى يتأمل أحجارَ منازلها

يستنهض ذاكرةَ الجدران

يداعبها بأصابعهِ

وكأنّ يديه تقولان:

عصافيرُ القريةِ

تتوارى خلف ضبابٍ ورديٍ

تطلقه كل شتاءِ أشجارُ القهوةْ!

 

-3-

المجدُ لهُ

شجرُ القهوة

يخرج في الضوءِ الشاحب

ليحدق في مرآة صباحٍ

يشتاق إلى المقهى

في عالمه لا ترتعش الأبواب

ولا جدران الحُجْرَهْ.

هذا الغيم الساطع في الفنجان الأبيضْ

تتملقه حدقات نهارٍ لا ضوءَ به

تتمرغ في العبق النشوان

وتشطف غفوتها بين يديه

لَكَمْ أشْعُر حين يكون معي

أني لست غريباً!

لست وحيداً!

أن لا بأسَ إذا ما أخذتني قدماي

إلى الشارع كي أتسكع

وأرى غيماتٍ تتشكل

فوق الجبل الداكن

غزلاناً

وفراشاتٍ في حجم الشمس

 

-4-

ذات صباحٍ شتويٍ

مكسوٍ بالعتمة

مبتلٍ برذاذٍ لا صوتَ لهَ

كان المقهى مكتظاً،

والقهوةُ دائرةٌ،

وأغاني "فيروز"

تدثرنا بمعاطف

تشعل في الأجساد اليابسة

المكسورة

نيران العشق

وأطيافاً من شجن غافٍ

قولوا للنادل:

من غير حليب..

وليكن العسل البري

وحبات الهيل تميمةَ

قهوتِنا.

 

-5-

يمنيٌّ هذا الفنجان

الطيني.

وذاك الوجه الطالع

من خلف الشباك

يواري بسمته من غضب الريح

ومن تحديق الغاوين

إلى الشرفات .

جميلٌ هذا اللون الشاحب

يا جسدي

يا أقرب أصحابي

مني،

إن لم تدرك ضوء نهارك مبتَّلاً

في فانوس الشمس

تعال لندركه

مشتعلاً في فنجان القهوه.