العدد التاسع - شتاء 2009م

   
 

نصوص
 

 غلــــــــيان
 
"العيون حين لا تتلصص على دمكِ الحار" (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

 

محمد عبدالوهاب الشيباني
شاعر من اليمن

 

الذي "تَحَكْوَل" بعطركِ

ليس أحسن حالا من الذي علّقه ماكياجك من ياقة

قميصه على بُعد خطوات

لهذا لم يعتب الاثنان على زميلة لهما لحستها

أناقتك  وكانا يظنانها "أشْيَك" من عرفا من النساء.

حينما جئتِ مسبوقة:

                           بعطركِ

                          بماكياجكِ

                         بضحكتكِ (التي حملتيها وكأنك كنت تحملين طفلا مشاكسا يحاول ترك حضن أمه لمجرد مشاهدته للعب كثيرة)

  لم تعرِّف بكِ مهنتك 

ولا قصائدكِ المنسرحة في الليل.

الذي عرّف بكِ هو دمك الحار

وتلك الخطوات التي ترسمها حاجة الأنثى- التي تركت

بابها مفتوحا في الجهات.

رميتِ صنارتك في ماء المدينة الباردة

وكنت في آن واحد تبحثين عن:

شخص يراك بعدستين لامعتين (يعمل بأصول الضيافة)

إلى جانب أنه لا يحتاج للكثير من الترتيبات للضغط على

يدك النحيلة في أول سلام

وليس بحاجة لاختبار ظنونه وهواجسه

حينما قرر طبع قُبلة على شفتيك المصبوغتين

بين رفين من الكتب بعد ساعات من معرفته بكِ؛

شخص يقرأ أفكارك دفعة واحدة

لهذا حينما يبادر لمعرفة تفاصيل جسدك

في المقعد الخلفي للميكروباص,

ستقولين إنه محسود

ليس من الراكب المرتبك في المقعد المجاور،

أيضا محسود من السائق الذي سلّط مرآته عليكما.

في المطعم

لم يترك (البابلي) لأنفاسكما أن تختلط

في القبلة الثانية

ولم يترك لأيديكما البحث عن الحمّى المطروقة تحت الملابس

بل أوصى واحداً من صبيانه بالجلوس قبالتكما تنفيذا لتوجيهات عليا

(إذا اختلى رجل بامرأة فثالثهما صبي المطعم)

صبي الزيزفون هو الآخر

كان يتدرب على القمع المبكر

فبمجرد رؤيته لمقعدين متلاصقين في كبينة الخيزران

أمر بفصلكما إلى جهتين متقابلتين فلم تجدا أكثر

من قراءة الشعر في جلسة

اعتقدتما في البداية أنها ستلبس الحسي ضجيج الرغبة.

أما العسكري

حينما سمح لكما بالمرور إلى الممر المعتم في الحديقة الخلفية

لهناجر الكتب كان يطمئنكما بابتسامته (الميرية)

في الوقت الذي كان يرتب لشرك

تنبهتما لحبكته باكراً

وحين جمعت أفعال الثلاثة (العسكري، صبي البابلي، صبي الزيزفون)

في سلة واحدة

قلتِ إن مدينة أخرى مغروسة بين البحر والجبل

لا تعطي أحدا الحق في تربية القمع بداخله

غير أنكِ -وبأسبوع واحد-

كنتِ أنتِ من ربت الريبة بداخلها

من عيون تشبه تلك التي أنبتتها في كل "خُزق"

المدينة الباردة

عيون لم يكترث بها الجرف البحري

ولا المطعم الشامي في الحي العتيق للمدينة البحرية

ولا المقعد الخلفي لميكروباص آخر

ولم تكترث بها حجرة من أربعة حيطان

غير أنكِ كنتِ قد هيأت هاجسا خاصا رَسَمَ على الستائر

والمروحة

ودولاب الملابس

وعلى الكرسي الملاصق للسرير الواسع

عيونا كثيرة ظننتِ أنها تتلصص

على أشيائك الحميمة

التي لم يسبق لك عرضها بتلك الجرأة.

                                                                                                    25/ 10/ 2003