العدد الثالث - خريف 2007م

   
 

نصوص سردية
 

لحظة كتابة.. دم... ع (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

                                                                     يوسف أبو لوز
                                                                      
 كاتب وشاعر من الأردن
 

 

(1)

أخاف على الورد من طيش بائعة الورد،

ترسله ميتاً في سلال من الدمع

صوب أقاصي الحياة.

أخاف على الشمس من جنرال الظلام،

يكبلها بيدين هما ضد هذي الحياة.

أخاف على وطني.. آه يا وطني!

لتعش عالياً مثل اسم الحياة.

أخاف على أبتي.. آه يا أبتي! أنتَ تاج الحياة.

 

(2)

الحرب عقرب أصفر عاش في عقر دارنا. ودارنا هذه الشرق العربي الحزين. الحرب أفعى رقطاء جلبها لنا رعاة الموت في كيس مدموغ بشعار السلام والديمقراطية الكاذبة، لتضع بيضها في الفرات وفي البحر الأبيض المتوسط وفي كل ماء ورمل تدرج عليه أصابع الأطفال في بلاد تحب الحياة. ولأنها كذلك، يكرهها سماسرة السلاح وصنّاع الكارثة.

الحرب "رجل" أصم، أبكم، أعمى، مسقط رأسه الليل، وقبره الليل. رجل على رأسه قبعة مدورة، وفي يده مسدس. يطلق النار ويضحك وهو يرى الدم ينـز من رقبة ضحيته. ينظف فوهة المسدس، يتثاءب، ثم ينام.

الحرب أيضاً بربطة عنق حمراء وفم مائل. رجل يتحدث الانجليزية بمصطلحات "مفيدة" جداً. أمامه عشرات الكاميرات التلفزيونية، ومع ذلك يكذب ويصدق كذبته. وبالتكرار، يحول الأكاذيب الى حقائق.

الحرب رجل متمدن، يأكل لحم الشعوب الفقيرة بالشوكة والسكين، ينام في بيض أبيض من شدة سواد قلبه الصغير الذي لا ينمو بدورة دموية آدمية.

الحرب... مادة للمخرج السينمائي الذي يعتز ببدنه الشمعي، يستثمر الدم والدموع ويبيعها في السوق السوداء.

الحرب... دولار خارج للتو من علبة البنك. ورقة صقيلة ذات حواف حادة كفيلة بذبح رقبة عصفور.

الحرب... طفرة لغوية وثقافة يشتغل عليها عقل نفعي انتهازي لا يهمه إذا ازداد عدد الأطفال المصابين بفقر الدم في العالم، أو إذا كثرت الأرامل وتضاعف فيضُ البكاء.

 

(3)

لا تبكِ يا أبتي!

أعرني دمعتك لتسقط على وجهي كالوشم

تبت يدا من أبكاك

تبت يد الطاغوت

تبت يد الجنرال الذي يفكك قلبه بسرعة،

وبسرعة أيضاً يركب القنبلة واللغم

ليقتلني ويقتلك.

لا تبكِ يا أبتي!

أعطني يدك لنخرج من هذا الجحيم

تعال، أحملك على ظهري

وأركض بك، أركض، أركض

حتى أسقط من العطش.

لا تبكِ يا أبتي!

الذل لمن أبكاك.