نصوص سردية
عن
الرجل الذي يحتفظ بشاحنة معطلة في صدره
()
ماجد المذحجي
كاتب من اليمن.
التفاصيل
التي يتم تربيتها بعناية في الجمجمة حين الأشياء –بكثرتها- لا تداهمه خلسة
بأعبائها... وحين تكون الجدران، ذاتها جدران الحجرة، عارية من الاستفزاز
ومتواطئة على الإمعان في مشاركته تربية هذه التفاصيل الزنخة التي يحفل بها، لا
تكون مهمة جداً ولكنها لذيذة نوعاً ما ومتيسرة فقط ليفعل بها ما يظنه ملائماً.
لا
شيء مغرٍ بالفعل في الخلفية المتوقعة لكي يكون رافعة لهذا التوهم الرطب الذي
تمدد في حجرة وأصبح كائناً بقوام مُكتمل ويزعق مطالباً إياه باحترام خصوصياته
وما يظنه هو حقهُ الأبوي باعتباره استنزف عنايته وانشغاله. إن حضوره الممتلئ
أصبح له متطلبات يجب العناية بها وعدم تجاهلها أو التقصير تجاه ضروراتها
النفسية للطرفين. المزعج الذي يهدد التصالح البطيء معه هو أن استقلالية مزاجه
وكيانه الداخلي لم ترتب انفصاله المادي عنه، فشروط الحمل الفسيولوجية المؤدية
لِهَكذا وضع لم تكن واردة منذ البداية، الأمر الذي عطل وجود نتائج طبيعية، وجعل
القضية شائكة وملتبسة بينهما. المزعج أيضاً هو أن انزعاجه حوله إلى شاحنة معطلة
تماماً في صدره، وأن أرقه من هذه الشاحنة ومن احتلالها لكل هذا الحيز ترافق مع
أرق عاطفي يخص المرأة التي لم يستطع أن يستوعب تعلقها وانزعاجها من مسألة عدم
إهدائه وردة لها. إن تعطل هذا الكائن عن أن يكون أي شيء أقل حجماً من شاحنة
معطلة تجثم على كل المساحة الفارغة في الصدر –المساحة المفترضة لكل الانفعالات
والتفاصيل– لا يمنحه فرصةً لإعادة تدوير أي أفكار أو انفعالات عاطفية أو غير
عاطفية تخص المرأة ووردتها المفترضة. بل إن المتبقي ممتلئ تماماً بأسئلة من
قبيل: ما هي ماركة هذه الشاحنة؟ ومن هو مالكها؟ ولماذا هي مُعطلة؟ وماذا يحدث
بالضبط في كابينة السائق ذات النوافذ المعتمة؟ وكيف يمكن إصلاحها وجعلها
تغادر؟...
هذه الأسئلة وغيرها
هي ذاتها الأسئلة التي تستهلك لقاءه بالفتاة المشغولة بوردتها المشتهاة حين
يجلسان متقابلين على الأريكة وبجوارهما طاولة دميمة ذات قوام قصير تحمل على
ظهرها فنجانين متقابلين أيضاً وركوة قهوة ومنفضة ممتلئة بالأعقاب وبقايا علكة
ممضوغة، بينما تتسرب الموسيقى من جهاز الكومبيوتر دون أن تثير مبرراً واحداً
للإنصات لها.. فقط يعلق صداها على الجدران المطلية بشكل سيئ بلون أزرق بدأ
بالتقشر موحياً بإحساس هائل بالحياد والتأفف، ليبدأ مباشرةً بتبرير علاقته
المعقدة والمعدومة بالورود باعتبار ذلك هو السبب الأكيد والحقيقي لإهماله
ونسيانه الدائم جلب وردة لها، ومن ثم يدلف لها من أحد شقوق الحديث نحو أرقه
المزمن والمتعلق بهذه الشاحنة المعطلة في صدره التي أصبحت تهيمن عليه وتضغط
أفكاره، والتي تحولت إلى كابوس بشع يجد نفسه فيه يركض في زقاق طويل ومسدود في
نهايته بينما يتعالى هدير محرك الشاحنة وهي تُطارده فيه، أو يحدثها عن الكابوس
الأخير الذي استيقظ منه وهو يتعرق ويصرخ لأن الشاحنة كانت تدوس على صدره بأقدام
ضخمة وتوشك على أن تدوس رأسه أيضاً. وهكذا ينقضي اللقاء وهو مسترسل بالحديث عن
شاحنته وعن وردتها التي تحلم أن تحصل عليها منه، الوردة التي قالت له إنها
ستساعدها على تفهمه وعلى نزع حساسيتها وغيرتها
–المفرطة– من النساء اللواتي يحصلن على وردة من رجالهن، وأن هذه الوردة
ستساعدها أيضاً على التخلص من أرقها الطارئ ومن هذا الكابوس المفاجئ الذي
أزعجها مؤخراً والذي ترى فيه شاحنة ضخمة تمد لها يداً تحمل وردة وهي تبتسم قبل
أن تسحقها وتبدأ برشقها بآلاف الورود الملونة التي تدفن جسدها تماماً تحت
الأكوام الكبيرة التي تراكمها.
من
الغريب فعلاً أن هذه الشاحنة صارت مسوغاً لاعتنائها به، فهي تُهاتفه صباح كل
يوم لتطمئن عليه وتسأل عن أخبار شاحنته المعطلة وتحكي لك عن نوع الوردة التي
تُريدها، أهي جوري أم ياسمين أو زنبق، وعن الإناء الذي ستضعها فيه، أو عن
تسريحة الشعر التي تظنها ملائمة لكي تحط الوردة فيها. إن الأشياء من حوله صارت
متعلقة تماماً بالحيز الفارغ الذي يجده في صدره جوار الشاحنة. وإن هذه الشاحنة
أصبحت تدس أنفها بإصرار في كل شيء يتعلق بحياته وما يندفع نحوه بثقة أو تخاذل.
إن هذه الفتاة المسكونة بوردتها وصفته بأنه يُمارس الجنس كشاحنة تماماً، وقالت
–وهي تقهقه– إنها خشيت أن يتعطل وهو فوقها كما تعطلت تلك الشاحنة في صدره. كما
أخبرته أن عيناه –وهو في السرير بجوارها– كانتا تُضيئان في الظلام كمصابيح
الشاحنات في الطرق الطويلة، وأنه يُصدر غازات من مؤخرته بقدر الدخان الذي
تُطلقه الشاحنات ذاته، حتى أنه لاحظ مؤخراً في المرآة أن ملامح وجهه بدأت تصير
مثل ملامح الشاحنات، وأن هناك شحنة “شاحناتية” واضحة لديه، وأن الناس يتعاملون
معه بحذر كما يتعامل سائقو السيارات الصغيرة مع الشاحنات، وفتاة الوردة صارت
تدلـله مؤخراً بـ “شاحنة حياتي”...
* * *
وردة
واحدة فقط لو جلبها لي اليوم ستُمكن هذه الحجرة من تعديل مزاجها البائس
تماماً؟!...
وسيستطيع
من خلالها أيضاً أن يعيد ترتيب إحدايثاتها بشكل مختلف: الطاولة الدميمة
بأقدامها القصيرة كانت ستتحول إلى طاولة ممشوقة القوائم وذات مزاج أكثر تعاوناً
مع ركوة القهوة والفنجان، والتي يمكن استبدالهما بنوع أكثر جمالاً وطزاجة من
المشروبات ويكون متناسقاً مع الشكل الجديد للطاولة، حتى الأزرق المتقشر على
الجدران سيتماسك أكثر ويُلمع نفسه حتى يستطيع مغازلة هذه الوردة والتكيف مع
حضورها، وسنجد أيضاً الكثير من المبررات للاستماع لموسيقى مناسبة لشخصين يضعان
بقربهما وردة... لربما كنتُ أيضاً سأحتفظ بالعلكة في فمي، واجعلها “تطرقع” أكثر
بشكل مغر، ولن أدخن كثيراً كي لا يظل هو منشغلاً بمراقبة المتبقي من سجائر في
علبته!!...
ياااه!
مازلت أستغرب بالفعل كيفية استخدام هذا الشخص لحياته بكاملها دون التفكير
بضرورة وجود وردة واحدة على الأقل؟! وردة واحدة يستخدمها لإقناعي بأنني سيدة
أستحق وردة، وهي الوردة ذاتها الكفيلة ربما بإغواء الشاحنة المعطلة في صدره
وجعلها تُزيت مفاصلها وتجعل زجاج كبينتها لامعاً ونظيفاً وربما ستؤدي إلى نتائج
أخرى غير متوقعه، مثل مغادرة بعض ما يدور من أحداث أو أحاديث بداخل الكابينة
ذات النوافذ المعتمة إلى الخارج، أو قد تساعد هذه الشاحنة على التفكير في
معاودة التجوال في طرق مفتوحة وأكثر رحابة من هذا الصدر عوضاً عن البقاء معطلة
وعدم إمكانية الحركة في الحيز المتبقي في صدره إذا فكرت بتليين مفاصلها في يوم
ما. وردة واحدة يقدمها لي هذا الرجل ستمنحني آلاف الفرص للتفكير بامتيازات أخرى
يمتلكها، غير أنه رجل يحتفظ بشاحنة معطلة في صدره... ثم ماذا يعني أن يحتفظ
الرجل بشاحنة معطلة في صدره؟!! أليست تشبه احتفاظ طفل بطائرة مُقاتلة من الطراز
الحديث سيقودها حين يكبر لمهاجمة أعداء مفترضين... أو حتى تربية الرجال لأحلام
يومية في صدورهم تتعلق بمقاسات ومواصفات النساء اللواتي يلقن بفحولتهم... لا
أدري بالفعل ماذا يعني انشغاله غير المبرر بالشاحنة، حتى أنني فكرت بأن أعتلي
كابينة هذه الشاحنة وأدير محركها ثم أمسك بمقودها بيدي لأبدأ في الاندفاع نحوه
وهو يركض بفزع في ذلك الطريق الذي سيكون مغلقاً في آخره بوردة ضخمة وغاضبة تنظر
إليه بتحفز تماماً. أوووف! هذا الشخص المعطل تماماً كشاحنة لا يستطيع أن يفهم
أن وردة واحدة قادرة على جعل صدره أكثر سعة بكثير مما هو عليه الآن، وستجعل هذه
الشاحنة تبدو كقطعة صغيرة وبائسة لا تشكل ازدحاماً ولا أرقاً، ويمكن إزاحتها
بسهولة وإهمال لصالح أشياء أخرى أكثر أهمية أو أكبر حجماً وتناسب صدراً ضخماً
وواسعاً كصدره!!
الغريب
أنه لا يفهم أن عدم اصطحابه لوردة واحدة أبداً في مواعيده العاطفية السابقة هو
السبب في احتفاظ أولئك النسوة اللواتي يقابلهن بملامح متجهمة وإصرارهن على عدم
طلب أي نوع من العصائر أو المشروبات الكحولية وطلب فنجان واحد أو اثنين دائماً
من القهوة التركية الخالية تماماً من السكر! لا أدري بالفعل كيفية التعامل مع
شخص يحتفظ بشاحنة معطلة في صدره!! ويزعجني بالفعل ألاَّ يدرك مدى كرهي للشاحنات
بملامحهن المعدنية المربعة الخالية من الرشاقة واندفاعهن غير المهذب في الطرق،
بالإضافة إلى أصواتهن الحادة الكفيلة بأحداث تشقق دائم في الجمجمة. ربما لو كان
اختار عربة أقل حجماً وأكثر جمالاً، وتكون ملائمة لصعود سيدة تكون للتو حصلت
على وردتها، التي ستدفعها لتفهم ملامساته الحميمية لجسدها وهو يقود. سأستطيع أن
أتعاطف دائماً معه وأقترب منه أكثر كلما قعدنا على الأريكة الوحيدة في غرفته،
ولن أتردد في تفهم نسيانه -لبعض المرات- جلب وردة لي، ولربما أعاود التفكير في
رفضي أن أبدل حذائي الرياضي الذي يقول إنه قبيح بالإضافة إلى أنه يحمل كمية
أكبر من الأوساخ والأتربة من تلك التي يحملها حذاء آخر ذو كعب عال مثلاً.. يجب
بالفعل أن يفهم أن وردة واحدة ستحسن أشياء كثيرة وستدفعنا للتفكير بأنواع كثيرة
من التسلية نقوم بها معاً، وأن شاحنته ذاتها ستشعر بالغيرة الشديدة من هذه
الوردة، ولربما تندفع إلى الخارج غاضبةً لمطاردة هذه الوردة ودهسها، مُتيحة له
الفرصة أن يغلق صدره بإحكام قبل أن يبدأ التفاوض معها حول شروط عودتها الملائمة
له والتي سيكون من ضمنها:
إجبار
هذه الشاحنة على أن تمارس الحمية حتى تصير أكثر رشاقة وأقل حجماً، وأن تستبدل
أيضاً نوع زجاج الكابينة المعتم بزجاج شفاف، بالإضافة إلى أن تحرص على تنظيف
مخلفاتها ومغادرة صدره كلما طلب منها ذلك لكي يشغله بأشياء أخرى قد تكون عاطفية
أو عائلية أو شخصية يحتاج أن ينشغل بها لوقتٍ ما، وأيضاً أنه يجب عليها التخلي
عن فكرة مغادرة صدره دون إذن مسبق، أو الوقوع في نوبات غضب أخرى والخروج لدهس
وردة تخصه هو أو تخص أحداً ما يكون مقرباً منه... يجب إذن أن يقتنع بالفعل أن
الوردة التي سأحصل عليها منه ستكون محنكة كفاية لإقناعي بالاستمرار في علاقة مع
رجل يحتفظ بشاحنة معطلة في صدره، وستمنح هذه الوردة فرصة أن تمارس هواياتها في
إغاظة شاحنته البدينة وإعادة تصميم ديكورات حجرته وإنقاذ علاقاته العاطفية من
الفشل الدائم، بالإضافة إلى تحسين شروط حياته اليومية تماماً...
* * *
لماذا
يجلب الرجل وردة لامرأة ما؟ على الأغلب أن أولئك الذين يفعلون ذلك لا يحتفظون
بشاحنات معطلة في صدورهم، وإلا لكانوا أكثر انشغالاً من أن يفكروا بقضية مثل
قضية جلب وردة من أجل امرأة...
إنني
شخص أحتفظ بشاحنة معطلة في صدري، وهذا شيء لا يمكن أن يدركه رجال متفرغون
لإهداء الورود للنساء، أو حتى أولئك الذين يمتلكون صدوراً فارغة تماماً لم تعبر
بها مصادفةً شاحنة أو عربة صغيرة أو حتى دراجة هوائية. إنهم بالفعل بحاجة
لتجريب الشعور بتواجد شاحنة كاملة معطلة في الصدر كي يستطيعوا تفهم أن انشغال
رجل يحتفظ بشاحنة معطلة في صدره ليس ترفاً ولا إخلالاً بلياقة مفترضة، وليس
مؤشراً لعدم اهتمامه بجلب ورده، بقدر ما المسألة تتعلق بأن هذه الشاحنة لم تفكر
مسبقاً أن تعطلها في صدر رجل قد يسبب انزعاجاً لامرأة تنتظر وردة منه. أنا أعرف
بالطبع أن تقديم وردة هو شكل لائق ومفترض خصوصاً لامرأة مشغولة بانتظارها، ولكن
يضايقني عدم تفهمها لأرقي بهذه الشاحنة الضخمة كفاية لأن ينشغل بها أي شخص
يشاهدها وليس فقط من يحتفظ بها في صدره، وأن المتطلبات الشخصية لهذه الشاحنة
كفيلة بجعل جدولي اليومي ممتلئاً تماماً بمتابعتها.
إن
تعطل هذه الشاحنة في صدري دون حراك يثير قلقي أحياناً، فهي من هذا الموقع الذي
تحتله تستطيع اختلاس السمع لما يدور من أفكار بداخلي، وهي أيضاً تستطيع التلصص
على كل الأسرار الشخصية التي أحتفظ بها خفيةً عن الآخرين. ولو غادرت يوماً ما
صدري فهي ستحتفظ بكل هذه الأسرار معها دون أن تقدم ضمانة واحدة بعدم إفشائها
–ربما من قبيل التسلية أو النميمة– لشاحنات أخرى، أو لأي شخص قد يهمه الإنصات
بعناية لتجربة شاحنة ظلت فترة طويلة في صدر رجل!!
أنا
أيضاً –حتى الآن– لا أدري كيف تستطيع هذه المرأة أن تنشغل بفكرة الحصول على
وردة مني وتلك الشاحنة مازالت مُعطلة في صدري، وأن تبدي تأففاً واضحاً على
ملامحها من لون جدران غرفتي وشكل طاولتي المفضلة ذات القوائم القصيرة، هذه
الطاولة الرائعة التي أمد ساقي عليها حين أسترخي على الأريكة وأنا أشاهد فيلم
ما على شاشة الكمبيوتر المقابلة، والتي لا تضطرني أبداً إلى استخدام ذراعي
الاثنتين لدفعها حين أرغب بإزاحتها إلى مكان آخر، هذا بالإضافة إلى حجمها
الملائم لاستيعاب عدد محدود فقط من الصحون والأكواب إذا استضفت أحداً في الحجرة
للسهر...
أفكر
أحياناً أن هذه الشاحنة قد لا تكون مُعطلة كما تدعي، بل هي مختبئة في صدري من
شيء ما، أي ربما تكون لها سوابق خطيرة ارتكبتها في ما سبق وترغب في الاختفاء من
الذي ترتب عليها، أو ربما تكون لها ميول شاذة تجاه صدور الرجال، وإلا ماذا يجبر
شاحنة ما على البقاء مُعطلة في صدر رجل لم يجلب وردة في حياته إلى امرأة...
بالفعل
أنا لم أجلب وردة أبداً لأي امرأة تعرفت عليها، وكنت أفكر دائماً أن هذه الوردة
قد تكون مبرراً لأي امرأة للحديث عن سعادتها في البداية ومن ثم عن أنواع الورود
التي تُفضلها وعن الورود التي قدمت لها في مناسبات متعددة، مثل عيد ميلادها، أو
في حفلة تخرجها في الجامعة، والوردة التي حصلت عليها في أول موعد، وباقة الورود
المميزة التي قدمتها لصديقتها حين أنجبت لأول مرة، والكثير من التفاصيل المملة
المتعلقة بالورود وعلاقتها بها...
يزعجني
أيضاً أنني لا أعرف أية تفاصيل تتعلق بتاريخ هذه الشاحنة الشخصي، مثل موديلها،
وماركتها التجارية، وأين صنعت، وأنواع البضائع التي كانت تنقلها، وهل مواصفاتها
ملائمة وتتطابق مع المواصفات الوطنية، ونوعية السائقين الذين قادوها سابقاً،
وهل أصيب محركها بأعطال أدت إلى توقفها، وهل تم استبدال قطعها التالفة بقطع
غيار أخرى أصلية أم لا، أو حتى عما يدور بداخل كابينتها المعتمة من أفكار عني
قد تكون غير محببة! إن هذه التفاصيل مهمة لكي أستطيع أن أتفهم الظروف التي
أحاطت بها قبل أن تتعطل في صدري، وستساعدني تماماً على ترتيب مناخ ملائم لنا
الاثنين. يجب أيضاً على هذه المرأة أن تتخلى عن فكرتها بأنني شخص لا أمتلك
إحساساً بالجمال، فقط لأنني لم أقدم لها وردة!! إن هذه فكرة سخيفة وكان عليها
أولاً أن ترتدي ملابس أكثر جمالا وأناقة من هذا (الجينز) المغبر والقميص الذي
تطوي أكمامه بشكل سيئ، وأن تستبدل أيضاً حذاءها الرياضي بآخر من تلك الأحذية
النسائية ذات الكعب العالي والتي ستبرز جمال قدميها وتمنح الساقين مشهداً
مثيراً ومتناسقاً حين تمشي، وهو الأمر الذي سيجعلني أدعوها إلى أماكن أخرى
سينتبه نزلاؤها حتماً أن المرأة التي ترافقني لا ترتدي حذاءً رياضياً. وعليها
التأكد تماماً أن رجلاً يحتفظ بشاحنة مُعطلة في صدره لا يقل شأناً أبداً عن أي
رجل آخر قد لا يحتفظ بشيء في صدره، بل إنه شخص مميز تماماً، فهو الشخص الوحيد
الذي اختارته شاحنه لكي تتعطل
|