العدد السادس - شتاء 2008م

   
 

نصوص سردية
 

نــور (لقراءة المقال بصيغة أكروبات)

                                                سلمى الخيواني
                                                   شاعر ة وقاصة من اليمن.

 طاشت نظرتها المذعورة في المكان الضيق. ما زال فمها الصغير يعبر عن الهلع الذي ألمّ بجسدها، يرتجف بشدة مع ازدياد منسوب الصراخ بينهما، وشراسة النقاش الذي سرعان ما يتحول إلى اشتباك بالأيدي والأرجل. لا يملان الحديث عن الأمور ذاتها في كل مرة.

حاولت "نور" الصغيرة، ابنة الأعوام الستة، استيعاب ما يجري، إنما قطع استيعابها انقطاع ذلك الضوء الضئيل، وقد أخذت الشمس تلقي نظراتها الأخيرة على مهاتراتهما الجنونية، لذلك اليوم. اشتد خوفها مع حلول الظلام، في الوقت الذي كان فيه الرجل الغاضب قد اتخذ أسلوباً مغاير في النقاش، وبدأ ينهال على المرأة المستنفرة ركلاً ورفساً، في محاولة لإسكاتها وفرض ما يرغمها عليه.

كانت "نور" تتخبط في زوايا الحجرة الضيقة تبحث عن منفذ يقودها إلى مكان أكثر أماناً من ساحة المعركة التي اختارها والداها لهما.

ابتعلت دموعها الحارة الخائفة، وأنفاسها المتقطعة، وجعلت تهرع حافية القدمين عبر درج المنزل، وأصواتهما الظالمة تطاردها. تعثرت في شق الدرج، لتكمل طريقها دحرجة حتى باب المنزل، الذي كان مشرعاً على مصراعيه. كانت هي هناك تهمُّ بطرْق الباب المقابل لمنزل الصغيرة. حينها كانت الفتاة مغمى عليها، فأخذتها من على الأرض، ثم قامت بتفقد جسدها، فوجدتها سليمة. ضمتها إلى صدرها، وهناك انسابت قطرات البلل من سروال الفتاة. حينذاك انتابت الجارة الشابة غصة حزن وندم، ومن ثم قررت ألاَّ تكون الزوجة المنتظرة للأب المسكين.