نصوص سردية
مهد في
مهب الثرثرة
()
عبده حقي
قاص
من مصر.
ضاق
الدرب
على
الرؤية...
حتى
الدرب
شاخ
وغارت
تجاعيده
على
الحيطان...
الزمن
طعن
فيه...
وهم
طعنوا
في
السن
أو
طعن
فيهم...
فلا
أحد
منهما
يدري
من
طعن
في
الآخر...
بشر
رأيتهم
يسحبون
خطواتهم
متثاقلين...
مستسلمين
لمنحدرات
الحياة...
منعطفاتهم
المألوفة
في
غباء
عادات
شيقة...
المنعطفات
التي
أتعبت
بشراً
قبلهم،
تنهكهم
الآن
كأنما
تقتص
مما
تبقى
من
نزقهم
القديم،
أو
كأن
بالدرب
معركة
حياة
لم
تبدأ،
أو
كأنها
بدأت
في
صمت
ولم
تنته
بعد...
الشمس
لم
تنتظره...
ودعته
خلف
سطوح
الحي
الخلفي
الذي
تشبه
بيوته
قطار
تكساس
الرابض
منذ
القرن
التاسع
عشر...
ودعته
من
دون
أن
تعده
بغد
ليس
ككل
الأيام.
أما
هو
فلم
يكن
مستعدا
ليبسط
لها
مدونات
سنينه
التي
تراقصت
شموع
لياليها
على
أنين
الآلام
المسائية...
وهو
في
المنحدر
لم
يتذكر
إثرئذ
ما
شكل
الساعة
القديمة
في
مخياله
والتي
لم
يجرؤ
أي
بطل
صغير
على
افتضاض
حدودها
لحد
الآن...
لم
يصدق
أيضا
أنها
ضاقت
برؤياه،
فهل
اتسع
الخطو
أم
ضاق
الدرب!؟
المغيب
لم
يتزحزح
عن
أفقه...
أمست
غلالته
الخزامية
ضاربة
على
أبواب
البيوت
الواطئة،
بلونها
البنفسجي
الملغز...
سار
الرجل
إلى
رأس
الدرب
وسرعان
ما
أحس
بانهيار
جواني
حين
اختفى
البيت
أمامه...
لم
يجد
هناك
بيته
القديم...
أجل،
ما
عاد
البيت
هناك...
وسرعان
ما
افتقد
نزوة
ركضه
القديم
على
صهوة
القصب
لمشاغبة
مزالج
الأبواب...
للبحث
عن
صداقة
حيطان
جديدة...
لمذاق
فاكهة
السفرجلة
في
الفناء
وحصرم
عناقيد
الدالية
المتدلية
على
حاجبي
نافذتين
تترقبان
عودة
الرتاج
من
غابة
بعيدة...
لم
يجد
هناك
غير
يافطة
إعلانات
وحانوت
لبضاعة
الكلام.
وفي
لحظة
ما
توقف
فجأة
أو
كأنما
كان
مجبراً
على
التوقف،
وفاضت
عيناه
بالدمع
فجأة،
ثم
فجأة
بدتا
قرمزيتين
مثل
حبتي
رمان...
فجأة
كل
الأعضاء
فيه،
كل
الخلايا
فيه
كانت
تبكي...
كل
ماضيه
كان
يهتف...
كيف
إذاً
يستخرص
العالم
ليسمعه
حكاية
مهد
صار
حانوتاً
لبضاعة
الكلام؟!
كان
الحانوت
خالياً
من
عبارات
الاعتذار
والمواعيد
المخذولة
في
المنعطفات
الخلفية...
المعتمة...
خالياً
من
رنين
الحوصلات
المعدنية...
لم
يكن
غير
صدى
لبقايا
كلام...
وكأنه
أحس
بأقدامهم
تمشي
على
صدره...
كأن
بضاعتهم
كانت
تفسد
وسنة
طفل
شاخ
في
قرارته
وتنتزعه
من
أرجوحة
تهويدة
لذيذة.
حين
جلس
على
الكنبة
شعر
بزلازل
في
الأعماق
حين
أتلفوا
أيقونة
الكف
المشنوقة
على
خصلة
الجبين.
هو
الآن
بين
رحم
مهد
ورحمة
بضاعة
الكلام...
يعود
به
الزمن
ليلف
ساقاً
بساق
ويهمس
في
نفسه:
"من
ضغط
على
زر
الزلزال؟!
كيف
بمهد
يتحول
إلى
حانوت
لبضاعة
الكلام
وثرثرة
عن
مواعيد
لا
تنضج
وأوجاع
من
زمن
ينساق
تحت
سياط
التلفاز؟!".
هنا
كان
مصباحه
الأحمر
الصغير
سهرانا
وحارساً
لأحلامه...
هنا
كان
قلبها
يحصي
نوبات
السعال
الديكي
في
صدره
العليل...
تردد
وتردد
قبل
أن
يبوح
للرجل
المحتل
بسره
الأليم...
مخاضها
هنا
في
هذا
الركن...
ووجع
الليالي
هناك...
ثم
دوي
الصرخة
على
عتبة
نكبة
الحياة.
تحدثا
عن
بشر
ماتوا
وبشر
سوف
يموتون
وبشر
ولدوا
وبشر
سوف
يولدون.
وفجأة
استغرقا
في
القهقهات
والضحك
على
ذقن
الكوكب
الذي
يدور
ويدور
كقط
يعضّ
ذيله.
ثم
استرجع
الرجل
المحتل
أنفاسه
وقال:
"إذاً
هنا
مجدت
النساء
سقطتك
من
السماء
بالزغرودة
النشوانة"...
ولم
يشعر
إلاَّ
والذكرى
تنزل
ثانية
من
سماواتها
كالنيزك
الحارق
إلى
الحدقتين
اللتين
اغرورقتا
مرة
أخرى
بالدمع،
وتساءل
في
سره:
"كيف
عنَّ
لهم
أن
يفتلوا
الحبل
السري
بحبل
معدني
لا
تسري
في
عروقه
سوى
ذبذبات
عن
مواعيد
لا
تنضج
وأوجاع
من
زمن
ينساق
تحت
سياط
التلفاز؟!".
لو
أدركت
فجيعته
الآن...
لو...
لكانت
قبل
هذا
الزمن
وضعته
في
صحراء
بعيدة...
تحت
جذع
نخلة...
بعيدا
عن
زمن
حرب
يسقط
فيها
الكلام
صريعا
كل
لحظة...
لو
أن
مخاضها
يعود...
لو
أن
البيت
الذي
كان
دافئا
كفرن
في
استرخاء..
لو
أن
الجنة
المفقودة
لم
تصطفق
بوابتها
في
وجهه...
لو
صار
جسده
جرَّافة
في
غابة
الكلام...
وتذكَّر
أنها
كثيراً
ما
حدثته
عن
نوبات
السعال
الديكي
الليلية،
وعينيهما
ساهرتين
ترشقان
بوم
الأرق
الرابض
على
تعريشة
الدالية.
قالت
فجأة:
“خمد
جسدك
الضامر
على
صدري
ذات
ليلة
ماكرة،
فرأيناك
تلملم
جسدك،
متاعك،
مهدك،
وكراسة
لم
تخط
عليها
اسمك
بعد...
حتى
معزوفة
السعال
الديكي
الأنيسة
خبأتها
في
حقيبة
صدرك
ورحلت..
رحل..
رح..
ر..
لا
شك
أنهم
بكوا
عليك
قليلا...
بكوا
حين
مددوا
جسدك
على
لوح
العجين
النيئ،
وطهروك
بماء
دافئ
ممهور
بعبق
الورد...
ثم
فجأة
ومن
دون
أن
تدري
ومن
دون
أن
يدروا
ومن
أن
يدري
العالم
حتى
قفلت
هابطا
من
الجنة...
حين
ذاك
أيقنوا،
بل
أيقن
العالم
أنك
جدير
بمهد
سوف
يكبر
ليمسي
حانوتا
لبضاعة
الكلام
عن
مواعيد
لا
تنضج
وأوجاع
من
زمن
ينساق
تحت
سياط
التلفاز"... |